أثارت القروض الاستهلاكية المطروحة بصيغة المعاملات الاسلامية جدلا واسعا لدى الجزائريين، في ظل غموض العقد المبرم بين البنك والعميل وتحديد الفائدة، وغياب نص فتوى صريح يحدد مطابقة الصيغة الحالية لأحكام الشريعة الاسلامية، رغم إجازة لجنة الفتوى التابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف البيع بالمرابحة للآمر بالشراء، على خلفية الاتفاقية التي أبرمتها الوزارة مع بنك البركة شهر ماي الماضي، لاستفادة الأئمة وموظفي القطاع من قروض استهلاكية لشراء مختلف المنتجات المركبة والمصنعة محليا .
وفي نفس السياق أكّد معهد “غالوب” الأمريكي في تقرير أعده لفائدة البنك الدولي أن أغلبية الجزائريين يفضلون الحصول على قروض تعتمد طريقة إسلامية بعيدة عن أية تعاملات ربوية بدلا من قروض البنوك التقليدية، وتضاربت وجهات نظر خبراء الاقتصاد الاسلامي ورجال الدين بشأن هذا النوع من القروض، فهناك من يرى أن صيغة المرابحة لتمويل البيوع هي البديل للقرض الاستهلاكي الذي تعمل به البنوك حاليا، والتي يقوم فيها البنك بشراء المنتجات بسعر البيع في السوق ويعيد بيعها للزبون بسعر أعلى، أو البيع لأجل “البيع بالتقسيط” مع زيادة الثمن شريطة ألا يزيد المبلغ إذا تأخر العميل عن السداد .
أما من الناحية الشرعية اختلف رجال الدين حول جواز التعامل مع البنوك بالصيغة المعتمدة حاليا، فمنهم من قال أن “الربا حرام، فإذا كان الإنسان مضطرا وليس بإمكانه الاستدانة من أي جهة واشتد الاضطرار يلجأ إلى هذه المعاملة دون بغي أو تعد”، وقال آخرون أن نسبة الفوائد على “القروض الاستهلاكية” مهما قلت لا تغير من كونه قرضا ربويا، وطالب بعض رجال الدين بضرورة تغيير مصطلح الفوائد بالعمولة، وذهب البعض الآخر إلى وجوب طرح قروض مصرفية على أساس قواعد المرابحة، يقوم من خلالها البنك بشراء المنتوج وإعادة بيعه للعميل بصيغة تمنع التعامل الربوي .
ويرى الشارع الجزائري في صيغة القروض الاستهلاكية الحالية المعتمدة من طرف معظم البنوك العاملة في الجزائر، على أن فيها نوعا من التحايل ما دفع بالغالبية العظمى من الجزائريين إلى العزوف عن التعامل معمها والتي يرون أنها تعمل وفق أنظمة ربوية، باستثناء مصرف السلام الذي استطاع جلب عدد كبير من الجزائريين، بعد إعلانه تملك السيارات المعروضة للبيع لديه بعد شرائها بصيغة التمويل الاستهلاكي، وأنه دفع كامل مستحقاتها لمصانع التركيب، وأنه أبرم اتفاقا مع الشركات المصنعة ينص على تخصيص مساحات لديهم لركن السيارات بها مع دفع مقابل شغل المواقف، وأوضح رئيس القطاع التجاري بمصرف السلام في تصريحات صحفية أنه في حال تراجع العميل عن اقتناء سيارته، يتحمل المصرف كل المخاطر ويعيد مبلغ المساهمة لللعميل .
يذكر أن الحكومة الجزائرية كانت قد قررت إعادة إطلاق القروض الاستهلاكية العام الماضي، بعد منع العمل بالقرض الاستهلاكي بموجب قانون المالية التكميلي 2009 .