ما الذي فعلته التكنولوجيا في حياتنا؟
أي تغييرات تلك التي أصبحت تخيم على أسرنا ومجتمعاتنا بسبب التكنولوجيا؟
الأسرة قديمًا كانت بسيطة في مفرداتها .. تستطيع سردها في نقاط بسيطة:
صباحًا:
الأب يستيقظ ليذهب إلى العمل.
الأبناء يذهبون إلى المدرسة.
الأم في المنزل تعتني به وبمن ليس له مدرسة من الأبناء، وتعد الطعام.
مساءًا:
الأب والأبناء يعودون من العمل والمدرسة ليتناولوا الغداء سويًا، ثم ساعة من النوم للراحة.
يستيقظ الأبناء ليؤدوا واجباتهم الدراسية، والأب يساعدهم إن أمكن، وقبل النوم بساعتين أو أكثر أو أقل تجتمع الأسرة كلها في جلسة سمر، يتحدثون ويتفاكهون ويدلي كل طرف منهم بدلوه في منبع بناء الأسرة .. المنزل. قد يخرج الأبناء لأصدقائهم أو يأتيهم أصدقائهم، ولكن يظل دفء الوصال في المنزل موقدًا.
الآن .. ومنذ ظهور التلفاز وحتى الكمبيوتر والإنترنت، والهواتف الذكية Smart Phones، فقط تغير شكل الأسرة بالكامل.
بغض النظر عن أن عمل الأب قد يستغرق النهار بأكمله وجزء من الليل حتى يستطيع إعالة أسرته، فإنه حينما يعود إلى المنزل، يتناول غدائه مع أبنائه، ثم يلتف الجميع حول التلفاز.
تطور الأمر قليلًا فأصبحت الفضائيات هي البديل للإرسال الرسمي.
ولكن لكثرة الفضائيات زاد الخلاف بين الأبناء في القنوات التي يريدها كل فرد – بعد أن كانت الخيارات محدودة في قناة واحدة أو قناتين فيما سبق – فهذا يريد مشاهدة المباراة الفلانية، وهذا يريد الفيلم الفلاني، وهذه تريد البرنامج الفلاني، الخ.
وبدلاً من أن يعلمهم الأب كيف يتحملوا بعضهم في احترام اختياراتهم، يتم فصل الأسرة أكثر عن طريق شراء تلفاز جديد، وريسيفر جديد – وهذه الأشياء أصبحت في رخص الطعام الآن – ووضع جهاز منفصل في حجرة أخرى، حتى يستطيع الشخص المختلف مشاهدة ما يرغب فيه، ولا يوافق عليه الجميع.
بل الأدهى من ذلك – وهذه قصة حقيقية رواها لي صاحبها – أن الأبناء لكل منهم غرفته المستقلة، له فيها تلفاز وريسيفر.
وجاء الإنترنت ليأخذ الأبناء إلى خارج المنزل وهم فيه، فتحولوا إلى أجساد خاملة في المنزل لا يتحرك فيها إلى العيون والأصابع، وفي بعض الأحيان تصدر صوتًا.
أما نقلة الهواتف الذكية، فقد أخذت الأبناء خارج المنزل نظريًا وفعليًا، والآن لم يعد الشاب بحاجة إلى استعمال جهاز الكمبيوتر حتى يحيا الحياة الافتراضية التي يريدها.
اجتماعات الأسرة للسمر ومعرفة الأخبار، وتناقش الآراء والقضايا، وتبادل الاستشارات والمساعدات لم تعد واردة.
تحكي لي زوجتي عن آخر اجتماع لها مع أسرتها وكيف كان شكله:
“جلست مع أمي وأختي في حجرة الصالون متمنية أن نقضي سهرة ممتعة في الحديث والسمر كما كنا في الماضي، ولكن فاجئتني كل واحدة منهما بإخراج جهازها اللوحي – هذه iPad والأخرى Hawaei Tablet – وكنا نتبادل الحديث بشكل متقطع خالي من التركيز والاهتمام والعناية التي كنت ألمسها في الماضي، وكل منهما تضع عينيها ومخها وتركيزها كله في جهازها .. شعرت بخيبة الأمل من هذه الجلسة الوهمية وانصرفت”.
يجب على الأسرة كسر تلك العادات الجديدة والعودة قليلًا إلى عادات الجذور، مثل التفاف الأسرة حول مائدة الطعام في وقت محدد يوميًا، ومثل عدم استخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية أثناء اجتماع الأسرة مع بعضها البعض.
هناك كذلك بعض الأساليب المتفتحة قليلة والتي يقوم بها الكثير من الشباب في الخليج، وهو الخروج للطبيعة. سيكون الأفضل تنظيم يوم لخروج الأسرة بالكامل إلى الطبيعة، والاستمتاع بالبدائية بعض الشيء.
كذلك يجب الحد من استخدام التلفاز والقنوات الفضائية بصفة عامة، وأن يكون هناك يوم ثابت لاجتماع الأسرة بدون استخدام مثل تلك الأجهزة.
باب التعليقات بأسفل مفتوح لأي فكرة إبداعية جديدة تعيد للأسرة الرونق القديم.