هل الشرطة النسائية في الوطن العربي تقليد غربي قُح أم هي ضرورة اجتماعية؟
في الواقع – وقبل أن يستنكر أحد الأمر – سأحاول في هذا المقال أن أدرس الموضوع من كافة جوانبه المنطقية، بعيدًا عن مشاعر الاستنكار التقليدية أو العصبية العنصرية.
نظرة الرجل العربي إلى المرأة
تحتل المرأة في الثقافة العربية مكانة خاصة لدى الرجل، تتمثل دائمًا في الضعف وحاجتها إلى الحماية والرعاية بصورة دائمة.
ومن أحد أمثلة الرعاية التي وفرتها الشريعة الإسلامية للمرأة أن يكون لها نصف نصيب الرجل في الميراث، بعد أن كانت لا تأخذ شيئًا من الميراث في الجاهلية، بل إن البعض كان يورثها مثلها مثل المال.
وحتى في امتلاكها لهذا المال فهي دائمًا تحت رعاية رجل، أبيها وأخيها قبل أن تتزوج وإذا طُلقت أو ترملت، وزوجها بعد أن تتزوج، وابنها إذا أنجبت .. فهي دائمًا تحت الرعاية.
بهذه الثقافة وهذا الفكر كان النظر إلى المرأة، فإذا تغيرت هذه النظرة إلى أن ترى فتاة أو سيدة ترتدي زي رسمي من الشرطة النسائية، وتطلب منك على سبيل المثال أن تبرز رخصة قيادتك أو هويتك !! بالتأكيد يتعجب البعض من هذا الأمر حتى ولو كان على علم سابق به.
هل الشرطة النسائية ضرورة في الوطن العربي؟
بعيدًا عن النظرة القديمة السائدة دعنا ننظر إلى الأمر من وجهة نظر أكثر حداثة.
هل الشرطة النسائية ضرورة في مجتمعاتنا العربية؟
الإجابة المحايدة: نعم .. لماذا؟
1. لأنها تقوم بالدور الأنثوي بالكامل في التعامل مع المواطنين: ففي حالة التفتيش أو القبض على فتاة أو سيدة، فالأكرم لها – تلك المقبوض عليها – أن يتم الإمساك بها من قبل فتاة أو سيدة مثلها، وليس رجل قد تعتبر لمسته لها إساءة.
2. في أماكن الكشف عن الهوية للمنتقبات: تستشعر الفتاة/السيدة المنتقبة حرج كبير حينما يُطلب منها الكشف عن وجهها للتأكد من هويتها في المصالح الحكومية والمطارات والأماكن المختلفة التي تتطلب إثبات الهوية. في مثل هذه الأماكن، يكون دور الشرطة النسائية بارزًا.
3. في حالات الاشتباك العنيف مع النساء: نعود إلى تكريم المرأة في المجتمع العربي، فالشرطي الشرقي بطبيعته يرفض التعامل العنيف مع المرأة، ففي هذه الحالة تكون الشرطة النسائية أفضل وأكثر تناسبًا.
أوجه الاعتراض على الشرطة النسائية
1. الالتزام الوظيفي: النساء – عادة – أكثر التزامًا وظيفيًا من الرجال، ولكن في حالة زواجها وارتباطها برجل يتحكم تحكم كامل فيها، فربما يؤدي الأمر إلى نوع من الخلل في مسألة الالتزام إذا رفض الزوج السماح لها بالذهاب إلى عملها.
2. العوارض الطبيعية: مثل الزواج والحمل والولادة ورعاية الأبناء .. فهذه الفترات تتطلب راحة طويلة نسبيًا ربما تؤثر على وظيفتها في الشرطة النسائية، هذا غير أن لياقتها البدنية وحالتها الصحية بعد الولادة لا تكون أبدًا مثل قبلها، وتحتاج إلى فترة نقاهة خاصة.
3. المواجهات العنيفة: بعض الأجهزة الأمنية في الدول العربية تساوي بين الشرطة العادية والشرطة النسائية في التعامل مع المواجهات العنيفة أو المسلحة، وهذا مرفوض من بعض المجتمعات.
وبعيدًا عن الاعتراضات أو التأييدات لمسألة إدخال النساء في أجهزة مثل الشرطة أو الجيش، فقد أصبح ضرورة من عدة أوجه أن يكون في كل المجتمعات أجهزة مثل الشرطة النسائية حتى ولو كانت في الخدمات الإدارية العادية بعيدًا عن المواجهات العنيفة.