قام الكاتب الصحفي «إبراهيم عيسى»، خلال مقالاً له بجريدة المقال، بعقد مقارنة بين الرئيس «عبد الفتاح السيسي» والمدير الفني لفريق كرة القدم المصري «كوبر»، خاصة بعد تأهله لنهائي أمم إفريقيا، لافتاً السيسي إلى ضرورة التعلم من تجربة كوبر في إدارة الفريق الوطني لكرة القدم، لأن هناك تشابه كبير بين إدارة مصر وإدارة فريقها الوطني.
مشيراً أن هناك فارق كبير بين كوبر والسيسي، وأنه يجد في كوبر الكثير من الخصال ما لا يجدها في السيسي، مؤكداً أن السنوات الـ6 الماضية قد شهدت تقلبات وتغيرات، ولكن الحظ كان حليف كوبر، ونجح في تحقيق هدفه، بينما فشل السيسي في ذلك -على حد تعبيره-.
وقام عيسى، في مقاله بتقديم عدة دروس، والتي تبين الفارق بين كوبر والسيسي ومنها؛
الدرس الأول؛ امتلك الخبرة ثم ضع خططك؛
كوبر خبير في مجاله ومحترف في عمله، بينما إدارة نظام السيسى مجموعة من المخلصين وأهل الثقة الذين لا يتمتعون بأي خبرة على الإطلاق في الإدارة السياسية، وليس لديهم سابق معرفة بطريقة إدارة شؤون البلاد، ويخلطون جدًّا بين إدارة مؤسسة أو كتيبة أو حتى جيش وبين إدارة بلد ووطن، بل ويتعصُّون بشكل مثير للشفقة على الإنصات لأصحاب الرؤى والخبرة والخيال والثقافة، فلا الأجهزة الأمنية التى أغرقت مبارك عبارة عن خبراء عظام، ولا موظفوه الكبار والصغيرون هم سياسيون أصحاب تجارب ولا محترفو حُكم.
الدرس الثاني؛ استمع للآخرين باحترام ولو لا يُعجبونك؛كوبر خبير كبير وصاحب تاريخ فى تدريب أكبر أندية العالم، ورغم ذلك يستمع للنقد الحقيقى والعملى والحاد والجارح والساخر والفارغ والفاضى، ولم يشعر باستياء منه ولا طلب منعه ولا تعصب وقرف ولا هدد أنه ح يمشى ولا اعتبر هؤلاء النقاد والرياضيين خَوَنة أو حقدة.. لماذا؟ لأنه رجل محترف ويعرف أنه لا يقين نهائى فى كرة القدم ولا فى الحياة عمومًا، وأنها وجهات نظر وطرق تدريب، وأنها طبيعة المهنة والشغلانة.أما مشكلة نظام السيسى فهى أنه لا يطيق النقد ولا الاختلاف، ولا يرى إلا ما يراه هو بنفسه لنفسه، ويضع أى اختلاف معه أو حوله أو معارضة له ولقراراته على أنها محاولات لهدمه وهدم البلد وتعطيل النجاح وأهل شر والذى منه.. هذه طريقة لا تؤدى للنجاح الحقيقى، ولا حتى تجلب الحظ وتوفيق القَدَر. الدرس الثالث؛ اللعب تحت ضغط لا الضغط على اللعب؛ مشكلة نظام السيسى أنه يريد أن يعمل ويشنف آذانه التصفيق والهتاف، ولا يطيق أن يطالبه أحد بإنجاز حقيقى وفوز لا شك فيه، هو يريد جمهورًا طَيِّعًا طائعًا مثل عساكر الأمن المركزى الذين كنا نستعين بهم فى المباريات ويديرهم ضابط أو صول بحيث يأمرهم بالتشجيع والهتاف ثم بالصمت ثم بصيحات الفوز ثم بالسكوت، كل هذا بإشارات اليد أو بإملاءات لمندوبى القيادة بينهم، كما أن نظام السيسى لا يريد أى منافسة ولا حد يقوله شفت فلان بيلعب إزاى أو أحسن أو يذكره بحجم ما جرى قبله أو من غيره.إنه نظام يشبه الميكانيكى الذى إذا ناقشته وهو يصلح سيارتك وأخذت ورديت عليه فى الكلام يرمى العدة من إيده ويتشرّط عليك ويقولك خلاص مش شغال اتفضل إنت انزل تحت عربيتك وصلحها.الحقيقة الأهم أن كوبر لعب تحت ضغط، ليس ضغطا عاديا، بل ضغط الجماهير والنقاد والذكريات، فمصر البطلة لثلاث بطولات متتالية لم تصل لنهائيات ثلاث بطولات متتالية أيضًا، وأنها بنت العز التى إن دخلت بطولة تثِب إلى نهائياتها، وأن المعلم الكبير حسن شحاتة كان قائدًا مغوارًا ومدربًا مدهشًا حقق معنا بطولات كالأحلام، هذا كله يضغط على كوبر، ورغم ذلك كله فإن كوبر لم يشتكِ ولم يهدد إنه كده ماينفعش!الدرس الرابع؛ العب بما تملك ولا تنظر إلى لاعبي جارك؛ مشكلة نظام السيسى أنه دائم التشكى من الشعب والناس، وأنه لو حطيت إيدك فى أى حتة تلاقى خرابة، وأنها شبه دولة، وأنها فقيرة قوى، وانتوا يا مصريين بتخلّفوا كتير، وانتوا يا مصريين مابتشتغلوش.. ويتناسى السيسى نفسه أنه كان قائدا كبيرا فى ظل نظام مبارك الذى يتهمه أنه المسؤول عن كل هذا، فالحقيقة أن كل مسؤولى ووزراء ورجال وجنرالات ولواءات السيسى لم يكونوا زعامات فى حركة كفاية ولا معارضين لمبارك، بل هم أبناء نظام «شبه الدولة» وتسببوا فى ما وصلنا إليه الآن!ثم نرى السيسي نفسه يتحدث عن الشعب اليابانى وعن الشعب الكورى (طبعًا يتجاهل الديمقراطية اليابانية والكورية!) ويتمنى لنفسه شعبًا كوريًّا (نحن نجد الشعب المصرى أيضًا وغالبًا يتمنى لنفسه رئيسًا ماليزيًّا مثل مهاتير، أو برازيليًّا مثل سيلفا).كوبر لم يفعل ذلك، بل تعامل مع قماشة اللاعبين الذين يملكهم لا مَن يتمنى أن يملكهم، لو كان بيد كوبر لَكان يدرب الآن منتخب الأرجنتين بميسى ودى ماريا وأجويرو وهيوجين وأوتامندى، ولكنه يدرب منتخب مصر، ومن ثم هو بإمكاناته وحظه مع هذا المنتخب بإمكاناته وحظه وقارته، فنجح الرجل فى التعامل مع الإمكانيات البشرية المتاحة فى توظيف قدراتها وتنمية مهاراتها ورفع حماسها وتقوية حسّها التنظيمى فى الملعب.الدرس الخامس؛ تواضع عند النصر وابتسم عند الهزيمة؛ مشكلة نظام السيسى أنه يتحدث طول الوقت عن إنجازاته التى لم يحدث مثلها خلال ثلاثين عامًا، وبصرف النظر عن أنه يجعل من نفسه اللاعب والحَكَم ولا يترك الآخرين سواء الجمهور أو النقاد أو الفيفا والكاف (..) يحكمون على ما يقوله، فإن النظام لا يتواضع إطلاقًا عما يعتقد هو وحده أنه النصر، ثم هو كذلك لا يعترف ولا يعتذر عن أى خطأ من أى نوع من انتهاك حقوق إنسان، إلى هندسة أمنية لانتخابات البرلمان، أو عصف يومى بالدستور وتجاوز للقانون، إلى جنون أسعار، إلى ارتفاع نسبة الفقر، إلى شراء سيارات بأربعين مليونًا لرئيس ووكيلى مجلس المبايعة المعروف إعلاميًّا بالبرلمان.لكن كوبر رجل متواضع؛ يفوز فيبتسم ويشكر لاعبيه، وإذا أخطأ اعترف، بل واعتذر!تعلَّموا من كوبر حتى تحصلوا على نجاحه أو على الأقل على حظه!!
هي قلة الأدب بعينها
شكر الله سعيكم استاذ ابراهيم