عقب خلاف كبير علي جزيرتي تيران وصنافير، قضت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، صباح اليوم الإثنين، برفض الدعوي وإعلان مصرية جزيرتي تيران وصنافير، تأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة “القضاء الإداري” ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية.
كما أصدرت المحكمة حكمها في الاستشكالات وقررت الاستمرار في تنفيذ الحكم أول درجة وإلغاء أي قرارات صدرت بشأن الاتفاقية.
اقرا أيضاً:
- ننشر النص الكامل لكلمة قاضي محكمة جزيرتي تيران وصنافير : مصر ليست خريطة رسمها خطاط
- شاهد بالفيديو .. لحظة النطق بحكم مصرية “جزيرتي تيران وصنافير”.. والنشيد الوطني يرج قاعة المحكمة
- نواب بالبرلمان يفجروا مفاجأة صادمة حول حكم “جزيرتي تيران وصنافير”.. وكلمة السر المادة 151 من الدستور
وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها اليوم بمصرية جزيرتي تيران وصنافير أن قيام الحكومة بالتوقيع علي اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية بما ينطوى عليه من التنازل عن الجزيرتين ( تيران وصنافير ) هو عمل إداري يخضع لولاية محاكم مجلس الدولة طبقًا لأحكام المادة (190) من الدستور باعتباره من المنازعات الإدارية.
وعلي الفور سادت حالة من الفرح والبهجة من جانب المواطنين داخل قاعة المحكمة، كما قاموا بترديد النشيد الوطني من أجل الاحتفال بحكم المحكمة، كما تجدر الإشارة إلي أنه شهد محيط مجلس الدولة اليوم “الاثنين”،إجراءات أمنية مشددة قبيل انعقاد إدارة الفحص بالمحكمة الإدارية العليا، للنطق بالحكم.
ننشر حيثيات حكم الإدارية العليا بمصرية جزيرتي تيران وصنافير
صدر الحكم برئاسة المستشار أحمد محمد صالح الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية المستشارين الدكتور محمد أحمد عبد الوهاب خفاجى، محمود شعبان حسين رمضان، مبروك محمد على حجاج نواب رئيس مجلس الدولة وبحضور المستشار محمد محمود إسماعيل رسلان.
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والإطلاع على تقرير هيئة مفوضي الدولة والمذكرات والمستندات المقدمة من أطراف الخصومة، وبعد إتمام المداولة قانونًا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المطعون ضدهم خصومًا أصليين ومتدخلين كانوا قد أقاموا الدعويين رقمي 43709 , 43866 لسنة 70 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري مستهدفين بها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في شهر أبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، وما يترتب على ذلك من اَثار.
وبجلسة 12 يونيو 2016 أصدرت محكمة القضاء الإداري، الدائرة الأولى، حكمها الطعن الذي قضى ” أولًا.. برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائيًا بنظر الدعويين وباختصاصها بنظرهما، وثانيًا.. بقبول الدعويين شكلا وببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة فى أبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وصفهما بأى شكل لصالح أية دولة أخرى وذلك على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصاريف.
وشيدت قضاءها، بما يقوم به جوهر حكمها، على أن العمل المنوه عنه يتضمن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية حال كون هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم المصري خاضعتان للسيادة المصرية الكاملة وهو أمر مخالف ومصادم لنص المادة 151 من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 18 يناير 2014 والذي حظر إبرام أي اتفاق يتضمن التنازل عن أي جزء من الإقليم المصري .
ومن حيث إن الطاعنين بصفاتهم حسبما ورد بتقرير الطعن والمذكرة المقدمة بجلسة 22/10/2016 يطلبون الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ثم إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول الطعن شكلًا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به منطوقه، والقضاء مجددًا، أصليًا: بعد اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى ، واحتياطيًا : بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري ، ومن باب الاحتياط الكلي : برفض الدعوى ، مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقد سطر الطاعنون أسباب الطعن بتقرير الطعن ومذكرات الدفاع المشار إليها ، ومجمل الأسباب المشار إليها تنصرف إلى أن الحكم المطعون فيه قد صدر مشوبًا بالخطأ في تطبيق القانون فيما يتعلق بنفي صفة الخصومة عن الطاعن الثالث بصفته ( رئيس مجلس النواب ) ومخالفة الحكم للقانون فيما قضي به من رفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة والقضاء عمومًا ولائيًا بنظر الدعويين على سند حاصله أن المشرع أخرج الأعمال التي تتصل بسيادة الدولة سواء الداخلية أو الخارجية من ولاية المحاكم عمومًا ، وأن قضاء المحكمة المطعون فيه قد خالف المستقر عليه من قضاء المحكمة الدستورية العليا والمحكمة ذاتها في منازعات مماثلة.
خاصة وأن طلبات المدعين في الدعوى تتمخض عن استدعاء ولاية القضاء واستنهاض رقابته بشأن أمر يتعلق باختصاص أصيل محجوز دستوريًا لمجلس النواب ويمثل تدخلًا وإهدارًا لمبدأ الفصل بين السلطات، بحسبان المجلس هو الجهة الوحيدة القائمة على شئون التشريع وسن وإصدار القوانين، والمنوط به الموافقة على ما يبرمه رئيس الجمهورية من معاهدات مع الدول الأخرى ، وإن ما قامت به الحكومة في النزاع المطروح باشرته بوصفها سلطة حكم بخصوص ترسيم الحدود بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية ، وإنه أصبح محلًا للدراسة من قبل لجان مجلس النواب المختصة، وفقًا لكتاب هيئة قضايا الدولة الذى ورد بعد حجز الطعن للحكم والمتضمن إحالتها إلى مجلس النواب.
وسترجئ المحكمة ما اُشير إليه بتقرير الطعن بشأن اختصام رئيس مجلس النواب إلى موضع اَخر في أسباب الحكم.
ومن حيث إنه عن طلب التدخل انضماميًا سواء للمطعون ضدهم أو لجهة الإدارة الطاعنة فإن قانون مجلس الدولة قد خلا من أى نص يتعلق بالتدخل في الدعوى، ومن ثم يسرى بشأنه ما ورد بقانون المرافعات المدنية والتجارية .ولما كان المشرع أجاز التدخل في الدعوى بالإجراءات المعتادة لرفعها قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهه في الجلسة في حضورهم ويثبت في محضرها على أن يقدم الطلب قبل أقفال باب المرافعة.
وينقسم التدخل لنوعين : أولهما :التدخل الانضمامي وفيه يبدى المتدخل ما يراه من أوجه دفاع لتأييد طلب الخصم الذي تدخل إلى جانبه ، دون أن يطلب القضاء لنفسه بحق ما فالمتدخل يبغى من تدخله المحافظة على حقوقه عن طريق الانضمام ويقصد به تأييد أحد الخصوم دفاعًا عن حقوقه في الدعوى، ويجوز طلبه ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ، عملًا بنص الفقرة الثانية من المادة (236) من قانون المرافعات.
وثانيهما : التدخل الهجومي أو الخصامي ويقصد به المتدخل المطالبة بحق ذاتي يدعيه لنفسه فى مواجهة طرفى الخصومة.
ويشترط لقبوله شرطان : أولهما أن يدعى طالب التدخل لنفسه حقًا، ومن ثم يشترط فيه المصلحة التى تبرر قبول التدخل فى هذه الحالة كل الشروط اللازمة لقبول الدعوى وهى أن تكون المصلحة قانونية حالة وقائمة، شخصية ومباشرة.
وثانيهما قيام الارتباط بين الطلب الأصلي الذي يسعى المتدخل للحكم لنفسه به وبين الدعوى الأصلية ووجود هذا الارتباط هو الذي يبرر تقديم هذا الطلب .ولذا فإن التدخل الهجومي يجيز للمتدخل أن يطلب الحكم لنفسه بحق ذاتي يدعيه في مواجهة طرفي الخصومة سواء تعلق طلبه بذات الحق المتنازع عليه أو بجزء منه أو بطلب آخر يتميز عن الطلب الأصلي ولكن مرتبط به قاصدًا من تدخله الحصول على حكم في مواجهة طرفي الدعوى.
ولذا فإنه لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الطعن حتى لا تفوت درجة من درجات التقاضي، ومتى كان طالبوا التدخل انضماميًا قد طلبوا التدخل انضماميًا شفاهه في الجلسة في مواجهة الخصوم واُثبت ذلك في محضر الجلسة، وكانت لهم مصلحة مشروعة في التدخل قوامها إما إثبات مشروعية تصرف جهة الإدارة أو عدم مشروعيته ومن ثم فإنه يتعين والحال كذلك قبول تدخلهم انضماميًا في الطعن، والاكتفاء بذكر ذلك في الأسباب عوضًا عن المنطوق.
ومن حيث إن الدفع المبدىء من المطعون ضدهم بعدم قبول الطعن لانتفاء مصلحة الطاعنين بصفاتهم غير سديد، ذلك أن الطاعنين بصفاتهم، وينوب عنهم هيئة قضايا الدولة لهم مصلحة محققة ومشروعة في الطعن من وجهين أولهما : إثبات سلامة الأجراء الذي اتخذته الحكومة ونفى تصادمه مع أحكام الدستور والقانون وإثبات ولاية مجلس النواب وحده في هذا الشأن باعتباره اختصاصًا محجوزًا دستوريًا له وسبيلها إلى ذلك مباشرة إجراءات الطعن .وثانيهما ستعرض له المحكمة في ثنايا أسباب حكمها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ، واستند إلى أحكام المواد 97 ، 151 ، 190 من الدستور الحالي وفيما تضمنته من حظر إبرام أية معاهدة أو اتفاقية يتوقف عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة ، وأن مصطلح الإبرام أعم وأشمل من مصطلح إقرار المعاهدات ، وأن هذا الحظر يمتد إلى السلطة التنفيذية ويحظر عليها اتخاذ أي عمل من أعمال الإبرام بما فيها التوقيع إذا كانت المعاهدة تخالف الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من الإقليم وهو حظر وقائي ومطلق، وأن لإقليم الدولة قداسة بالمعنى الوطني وحرمة بالمعنى القانوني، وأنه يشكل وحدة واحدة لا سبيل إلى التنازل عن أي جزء منه ، وأسس الدستور فكرة الاختصاص الممنوع أو المحظور على السلطة التنفيذية في مجال إبرام المعاهدات الدولية.
وخلصت المحكمة إلى أن توقيع الحكومة على الاتفاقية بما ينطوى عليه من التنازل عن الجزيرتين ( تيران وصنافير ) هو عمل إداري يخضع لولاية محاكم مجلس الدولة طبقًا لأحكام المادة (190) من الدستور باعتباره من المنازعات الإدارية ، وقضت برفض الدفع المبدي من المدعى عليهم بصفتهم بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعويين.