أصدر البنك المركزي المصري أمس قراراً بتحرير سعر الجنيه وتخفيض قيمته إلى ما يقارب الـ 48%، وهو ما أدى إلى وصول سعر الدولار في البنوك المصرية إلى 15 جنيهاً
وفي هذا السياق، قال الخبير الإقتصادي وائل النحاس، أن قوة الفرد الشرائية في مصر وفقاً لدخول الأفراد تترامح من 48% إلى 50% بالنسبة للمواطنين العاديين.
وأضاف الخبير الإقتصادي في تصريحات صحفية له “اللي كنت بتشتريه بـ 52 جنيه هتشتريه دلوقتي بـ 100 جنيه”، وأنه إن كان الفرد يحصل على مبلغ 1200 جنيه وهو الحد الأدنى للأجور وفقاً للدستور، فإن قوة هذا المبلغ الشرائية في الوقت الحالي تعادل 600 جنيه مصري فقط.
وقال النحاس أن قرارات الحكومة الأخيرة خاصةً الإقتصادية منها تمثل لعباً بكرة من النار مع المواطنين، وذلك لإنها ترفع الدين العام في مصر إلى 360 مليار جنيه بعد أن كان 324 مليار جنيه، كما ترفع قرارات الحكومة الأخيرة بخفض قيمة الجنيه، عجز الموازنة العامة للدولة إلى 15% بدلاً من 9%، وهو ما يعني زيادة في أسعار جميع السلع الإستهلاكية وزيادة في أسعار البنزين وفواتير الغاز والكهرباء والخدمات الأخرى.
وإعتبر النحاس إلى أن موجة الغلاء التي ستضرب البلاد خلال الأيام القادمة أصبحت أمر حتمي وبديهي لدى جميع المواطنين الذي سيعتبرونها تضيقاً عليهم وفرضاً لمزيد من المتاعب والصعوبات على حياتهم المعيشية، ورأى أيضاً أن هؤولاء الأشخاص الذين يحتفظون بالدولار لن يقوموا ببيعه وسيستمرون في الإحتفاظ به كالذهب.
وتابع “لدينا أيضاً مشكلة كبيرة في القطاع المصرفي في مصر سببتها الودائع الجديدة، حيث سيضطر المواطن إلى فك وديعة تبلغ قيمتها 9% من أجل الحصول على 20%، هذا الأمر سيكون له تأثير سلبي وسيؤدي إلى تكبد البنوك المزيد من التكلفة على الأموال، كما سيعمل على رفع أسعار الخدمات وتطفيش المستثمرين الذين لن يلجأوا بالطبع للإستثمار في بلد يعاني أغلب سكانها من الفقر”.
وأكد الخبير المالي أن سبب إختيار الحكومة لهذا التوقيت من أجل تحرير سعر الجنيه وتعويمه هو إرسال رسالة للشعب المصري قبل 11 نوفمبر، وأن هذه الرسالة إختيارية ومعناها إما العيش في فوضى إختيارية أو العيش في غلاء، مؤكداً أن قرارات الحكومة في هذه الفترة وحتى شهر فبراير القادم ستكون قاسية وقوية، وذلك في إشارة منه إلى موعد إستلام الدفعة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي الذي طالب الحكومة المصرية بإصلاحات إقتصادية للموافقة على القرض.
يذكر أن مصر في الحاجة إلى 21 مليار دولار من أجل تمويل برنامج الدولة الإقتصادي المقرر تنفيذه على 3 سنوات، وسوف تقترض مصر 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، إلا أنه إشترط إجراء تعديلات جوهرية على نظام الدعم، بالإضافة إلى تعويم الجنيه وغيرها من الإجراءات التي من شأنها أن تضمن للصندوق قدرة مصر على الوفء بإلتزاماتها في سداد قيمة القرض.
وتعجب النحاس من قرارات الحكومة المصرية التي خسفت بقيمة الجنيه المصري الأرض، على الرغم من أن الحل الأمثل للأزمة الإقتصادية الحالية تكمن في تقوية الجنيه ورفع قيمته وليس إضعافه وخفض قيمته، واصفاً ما يحدث بالعبث الإقتصادي الغير مدروس، والدليل على ذلك ما سببته تلك القرارات من إرتفاع في كل من الدين العام وعجز الموازنة.
وفي سياق متصل قالت الدكتورة يمنى الحماقي، رئيسة قسم الإقتصاد بجامعة عين شمس، أن قرار تحرير سعر الجنيه أو تعويمه يصب في مصلحة المواطن البسيط ولا تأثير سلبي له على دخل الفرد، بل بالعكس فهو يزيد من فرص العمل ويحارب البطالة على حد وصفها.
وأكدت يمنى في تصريحات صحفية لها، أن تحريك الموارد الذاتية للأفراد وجذب فرص إستثمار جديدة لمصر هي الأولوية الآن، وذلك لأن ذلك هو ما سيعيد جلب العملة الصعبة إلى البلاد ويعيد تدويرها وتداولها من جديد بعد أن شهدت شحاً طيلة الفترة الماضية.