طالب الكاتب الصحفي “عباس الطرابيلي”، بتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة “عبد الفتاح السيسي”، تضم كل الكفاءات المصرية سواء عسكرية أو مدنية، مؤكداً على أن هذا هو الحل للخروج من الأزمة التي تعاني منها مصر، معلنا عن رفضه لفكرة التعميم بأن كل المدنيين فاسدون ومرتشون، يضعون مصالحهم الشخصية فوق مصلحة الوطن، حتى ولو كانوا يملكون كل العلم والخبرة، كما رفض القول بأن كل العسكريين لا يعرفون إلا في مجالهم العسكري.
وأشار “الطرابيلي” في مقاله الذي نشره بصحيفة المصري اليوم، تحت عنوان “حكومة وحدة وطنية برئاسة السيسي”، أن لكل فترة رجالها وأسلوبها في الإدارة والحكم، وأنه إذا ازدادت حدة المشاكل وخشينا من الفوضى، كان الحل مثلاً هو أن يتولى المسؤولية من يجيد الإدارة ويحسن التنظيم، وضرب الكاتب الصحفي أمثلة ببعض العسكريين الذين نجحوا في عملهم المدني، ومنهم المهندس “محمود يونس” وكل الطاقم الذي عاونه في تنفيذ قرار تأميم شركة القناة، والمهندس “صدقى سليمان”، وزير السد العالي، الذي اختاره عبد الناصر لرئاسة الحكومة ليكمل بناء السد العالي.
كما أوضح الكاتب الصحفي، أن عدد الوزارات التي تولت المسئولية منذ 25 يناير 2011 حتى الآن، تجعلنا نفكر في ذلك، وأن الحل هو حكومة برئاسة “السيسي”، مادام يلتقى بمن يشاء من الوزراء، وبعضها تم دون حضور رئيس الحكومة نفسه.
نص مقال الكاتب الصحفي “عباس الطرابيلي” تحت عنوان “حكومة وحدة وطنية برئاسة السيسي”.
أرفض تماماً فكرة التعميم. أى أن كل المدنيين فاسدون ومرتشون، يضعون مصالحهم الشخصية فوق مصلحة الوطن.. حتى ولو كانوا يملكون كل العلم والخبرة.. كما أرفض القول إن كل العسكريين «لا يعرفون» إلا فى مجالهم العسكرى.. فكم من عسكريين مصريين وأجانب خدموا الوطن أكثر بكثير مما فعل الكثير من المدنيين. وأن كل خبرتهم تنبع من التزامهم بالضبط والربط وحسن الإدارة.. حتى وإن قيل إن مبدأهم الأول «نفذ الأوامر.. ثم تظلم».. إذ كم من عسكريين مصريين – فى العصر الحديث نفسه – أفادوا الوطن، وأعطوه الكثير.. وكم من مدنيين أساءوا إلى هذا الوطن!
ولكن لكل فترة رجالها وأسلوبها فى الإدارة والحكم.. فإذا ازدادت حدة المشاكل وخشينا من الفوضى، كان الحل – مثلاً – هو أن يتولى المسؤولية من يجيد الإدارة ويحسن التنظيم، ولذلك عرفنا عسكريين عظماء نجحوا فى عملهم المدنى، ربما أكثر مما نجحوا فى عملهم العسكرى، منهم مثلاً المهندس محمود يونس وكل الطاقم الذى عاونه فى تنفيذ قرار تأميم شركة القناة: عبدالحميد أبوبكر، وعزت عادل، ومشهور أحمد مشهور.. إلى أن وصلنا إلى الفريق مميش.. وهناك أيضاً المهندس صدقى سليمان، وزير السد العالى، الذى اختاره عبدالناصر لرئاسة الحكومة ليكمل بناء السد العالى. وثروت عكاشة الضابط الفنان والمفكر الذى كان وراء إنقاذ معبدى أبوسمبل وكل معابد النوبة وصاحب الإنجازات الثقافية، وما تركه لنا فى هذا المجال.. عظيم.. عظيم.. عظيم. والدكتور حاتم قمة الإعلام فى عصره.
وربما بسبب المشاكل والهزائم التى عاشتها مصر، نجد الحاكم يلجأ إلى العسكريين ليشكلوا الحكومات.. منهم اللواء محمد نجيب نفسه «حكومتان فى بداية الثورة»، ثم عبدالناصر نفسه «6 حكومات بين عامى 1954 ومارس 1968»، وهى وزارات نشأت بسبب أزمة مارس الشهيرة، ثم حكومات الوحدة المصرية – السورية، ولكن أخطرها ما تشكل بسبب انفصال سوريا عن مصر، ومنها حكومة عبد الناصر الرابعة فى أكتوبر 1961، ثم حكومة الفترة الأكثر خطورة عقب هزيمة 1967 وكانت أيضاً برئاسة رئيس الجمهورية نفسه عبدالناصر، فى 19 يونيو 1967، وقد نافس عبدالناصر بحكوماته الست الزعيم الخالد مصطفى النحاس بحكوماته السبع.. ودخل المنافسة اللواء ممدوح سالم بحكوماته الخمس!!
ونجد نفس الوضع يتكرر بتولى رئيس الجمهورية بنفسه رئاسة الحكومات، عندما حدث ذلك فى عهد الرئيس أنور السادات بحكومته الأولى فى مارس 73، وهى التى تولت إعداد البلاد للحرب.. ثم وزارته الثانية فى إبريل 1974 لاستكمال معركة التحرير حرباً ثم سلماً.. وكذلك نفس الوضع فى وزارته الثالثة فى مايو 1980 وهى الوزارة التى شهدت قمة الاعتماد على المدنيين فى المناصب الوزارية، منهم فؤاد محيى الدين، وفكرى مكرم عبيد، وأحمد عز الدين هلال، وعبدالرزاق عبدالمجيد، ومصطفى كمال حلمى، وآمال عثمان، وحسب الله الكفراوى، وبطرس غالى، وسليمان متولى، ومحمد سماحة، وممدوح جبر، ومنصور حسن، وعلى لطفى، وماهر أباظة، وجمال الناظر، ويسبقهم عثمان أحمد عثمان وعبدالحميد رضوان.
لكن المشاكل التى أحاطت بالرئيس السادات – ومن الأيام الأولى من حكمه – جعلته يلعب لعبة التوازنات فى الحكم، إذ لكى يضرب تنامى التيار اليسارى لجأ إلى منح التيار الإسلامى حرية العمل، فضلاً عن معاركه مع الناصريين وبقايا نظام العهد الناصرى، وإذا كان عبدالناصر يرى أن رجال السياسة لا يؤمَن جانبهم، وبالذات فيمن تولوا المسؤولية قبل يوليو 1952، لذلك كانت معركته الأساسية هى إبعادهم تماماً عن أى مركز من مراكز الحكم.. وأن الأحزاب ضررها أكثر من نفعها.. فإن السادات كان على النقيض، بدليل إعطاء المدنيين الفرصة الأكبر فى إدارة أمور الحكم – تحت إشرافه – ثم بقراره بعودة النظام الحزبى – وكان فى البداية أيضاً تحت إشرافه – من خلال المنابر ثم عودة النظام الحزبى.. كمرحلة ثانية.
■ ■ هنا نسأل: أليست مصر فى خطر داهم مثل الذى عانت منه بعد انفصال سوريا عن مصر، ثم الهزيمة المروعة عام 1967؟.. وإذا كانت هذه المخاطر دفعت النظام إلى تولى الحكم من خلال أهل الثقة أكثر من أهل الخبرة، فإن مصر الآن تعانى أخطاراً أشد وأكبر من كل ما سبق.. ولذلك يكون الحل فى حكومة وحدة وطنية يترأسها رئيس الجمهورية نفسه – الرئيس عبدالفتاح السيسى – تضم كل الكفاءات المصرية: مدنية وعسكرية.. حسب الحاجة وحسب القدرات المتاحة لكل واحد.
■ ■ ونظرة واحدة على عدد الوزارات التى تولت المسؤولية منذ 25 يناير 2011 حتى الآن – حتى إن بعضها لم يعش إلا أسابيع معدودة – تجعلنا نفكر فى ذلك، أم أن الحل هو حكومة برئاسة الرئيس السيسى.. مادام يلتقى بمن يشاء من الوزراء، وبعضها تم دون حضور رئيس الحكومة نفسه؟
■ ■ ونعترف بأن انضباط العسكريين مطلوب فى هذه الفترة.. ولكن دون تجاهل المدنيين، وفيهم كفاءات لا يمكن إنكارها. الحل – إذن – حكومة وحدة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية.. كما عشناها أيام ناصر وأيام السادات دون أى حساسية، لنستفيد من كل الإمكانيات المتاحة!!