وجه رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي دعوة إلى مصر والسودان وأثيوبيا لاستئناف مفاوضات سد النهضة في محاوله منه لتخفيف التوترات بين الأطراف الثلاثة التي نشأت منذ عشر سنوات بسبب تعنت أثيوبيا في رفض الوساطة التي تشمل أمريكا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي برئاسة الاتحاد الأفريقي وهو المقترح الذي قدمته السودان وافقت عليه مصر، تريد أثيوبيا وساطة مقتصرة على الاتحاد الأفريقي، مما أدى إلى فشل مفاوضات التي استأنفت على مدار يومين الأحد والاثنين الماضين المنعقدة في كينشاسا عاصمة الكونغو الديمقراطية بحضور سفير الولايات المتحدة مايكل هامر.
ونشرت وزارة الخارجية الأثيوبية على صفحتها الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي بيان لها زاعمه رفضها حيث قالت أن اديس ابابا ترفض المقترح المقدم من السودان والذي أيدته مصر، الذي يفضي على منح المراقبين عن جنوب أفريقيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ذات الصفة التي يتمتع بها الاتحاد الأفريقي في العملية، وأضاف البيان أن بلاده لا يمكن أن تدخل اتفاقا يضر مستقبلها الحالي والمستقبلي لاستفادة من مياه النيل.
كما أكدت الخارجية على أن أثيوبيا ماضية في ملئ السد وفقا للجدول وهو شهر يوليو وأي تأخير سيضر باقتصادها وأنها مستعدة لتسهيل تبادل المعلومات الخاصة بمليء السد، وذكر البيان أيضًا أن مصر والسودان عرقلا استئناف المفاوضات بعدم موافقتهما على البيان الختامي الذي استعرض ما دار في المفاوضات خلال اليومين السابقين الأحد والاثنين وان دل ذلك على سوء النية والمماطلة لتأخير مليء سد النهضة .
وتتوقع أثيوبيا استئناف المفاوضات حول سد النهضة في غضون الأسبوع الثالث من الشهر الحالي.
لماذا تعترض مصر والسودان على ملئ سد النهضة
فقد يؤدي لإلي فقد 11 : 19 مليار مكعب من المياه سنويا مما يتسبب في خسارة مليوني مزارع ودخلهما خلال الفترة من ملئ سد النهضة، لذلك طالبت مصر أن يكون ملء السد في حدود 7 سنوات حتى تتفادى مصر الخسائر المتوقعة، بينما تصر أثيوبيا على ملء السد في غضون 3 سنوات هادفة من ذلك السرعة في توليد الكهرباء، وهذا ما يؤدي بالطبع إلى خفض منسوب مياه النيل الذي يعتبر عصب الحياة والمصدر الوحيد للمياه العذبة لـ 150 مليون مصري، ففي هذه الحالة ستعتمد مصر على مخزون السد العالي لسد احتياجاتها من المياه، وبالتالي يقل مقدرته تماما من خلال سنوات الجفاف التي لا يعرف فيها كمية التبخر والتسرب والفيضان والتدفق السنوي من مياه الأمطار التي تتدفق على النيل الأزرق .
بالإضافة إلى أن سد النهضة يحتاج إلى 74 مليار مكعب من المياه كي يمتلئ وهذا سيخفض حصة مصر البالغة 55 مليار متر مكعب ويكون مقدار النقص يتراوح بين 5 إلى 15 مليار مكعب، كما أن طريقة بناء سد النهضة وسعته فإذا حدث فيضان وفشلت عملية التعامل معه فقد يطيح بالسودان وأجزاء من مصر لأن أثيوبيا لم تقم بعمل دراسة مسح مائي للكشف عن احتمالية حدوث شقوق أو فوالق بالسدود حسبما ما كشف عنه الخبير المهندس دياب محمد دياب عضو اللجنة الدولية لتقيم السد.
وناقش الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الري والموارد المائية الأسبق مزاعم اديس ابابا أن سد النهضة بنى من أجل احتياجها إلى إنتاجية الطاقة الكهربائية لسد إحتاجتها فهو يجد أن مزاعمها غير منطقية فالكمية الهائلة من الكهرباء تفوق احتياجاتها فإذا توقفت أثيوبيا عن توليد الكهرباء ستطر إلى إغلاق فتحات المياه الناتجة من 4 سدود قامت ببنائها بقرار أحادي في النهر المشترك مع كينيا، مما حرم كينيا من المياه وتعرض مساحات كبيرة من ارضيها للجفاف وهجرة السكان لأرضيهم وكذلك الصومال. وبالتالي الهدف يكمن في دخول مصر والسودان نفق الشبح المائي .
الخيارات المتاحة امام مصر والسودان لتعامل مع ملف سد النهضة
– اللجوء إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة والمحكمة الدولية وهو خيار في إطار قانوني دبلوماسي.
وهو ما أكده الدكتور عباس شراقي أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة “لموقع مصراوي ” أن خيارات مصر بعيدا عن استخدام الآلة العسكرية تتمثل في مجلس الأمن وإصدار قرارات ملزمة لاستئناف المفاوضات تحت الرعاية الدولية، كورقة أولى.
أما الورقة الثانية تتمثل في الضغط الاقتصادي وهو أن السدود التي ينشب حولها خلافات لا يجوز تمويلها من الدول والمؤسسات المالية الدولية وهي نقطة يمكن أن تتمسك بها مصر والسودان أمام المجتمع الدولي.
– الخيار العسكري
وهو ما نشهده في الفترة الأخيرة عندما قال الرئيس السيسي “أن مياه مصر خط احمر ولا أحد يقدر يأخذ نقطة واحدة من مصر والي يحاول يجرب لا احد بعيدا عن قوتنا نحن لا نهدد، العمل العدائي قبيح له تأثير طويل لا تنساه الشعوب وكل الخيارات مفتوحة”. ولكنه يفضل التفاوض حيث قال أن معركة التفاوض مستمرة وأنه يتمنى الوصول إلى قانون ملزم لمصلحة كل الأطراف .
فضلا عن التدريبات العسكرية السودانية المصرية التي بدأت آخر شهر مارس والقيام بمناورات جوية باسم نسور النيل 2 على الأراضي السودانية وعلي هامش ختام المناورات صدر بيان من الطرفين رئيس الأركان المصري محمد فريد ونظيره السوداني محمد عثمان الحسين “التحديات والتهديدات والعسكرية والأمنية التي تواجه البلدين ” وفقا للبيان.
وعند النظر إلى الوضع الحالي يعتقد أن منطقة الشرق الأوسط تريد أن تتفادى الصراع العسكري، مما يزيد من فرصة رجح كفة ميزان خيار المفاوضات.