العالم الآن ينظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في حالة من الاستعجاب الشديد بعد أعمال العنف التي خاضها المؤيدين التابعين لترامب الرئيس الذي انقضت مدة رئاسته، تطورات جعلت العالم يفكر في مدى الحرية والديمقراطية الأمريكية التي لطالما روجت إليها عبر تاريخها من حكم العالم فكرياً و اقتصادياً، بعد أن انتهت الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المنصرم بفوز ممثل الحزب الديمقراطي الليبرالي “جو بايدن”، كان من العرف أن يقوم ترامب بشيء يعرف في أمريكا “بالاعتراف بالهزيمة” وهو ما يؤل الحكم إلى جو بايدن دون الانتظار إلى شهر يناير، ولكن ترامب عارض هذا ولم يعترف بالهزيمة، بل ومن الغريب إنه قام بعمل مجموعة من التعديلات في الهيكل التركيبي للوزارات وموظفي البيت الأبيض !.
تداعيات هزيمة ترامب في الانتخابات الأمريكية أمام بايدن.
حين تنظر إلى دونالد ترامب تجد إنه كان كرئيس غريب عن الطابع الأمريكي جملة وتفصيلاً، رجل أعمال بعيد كل البعد عن الاحتكاك بالسياسة والسياسيين إلا فيما يخص تيسير أمور أعماله الخاصة، تجده يرشح نفسه أمام هيلاري كلينتون والتي تمتلك علاقة وثيقة بينها وبين السياسة منذ أن كانت السيدة الأولى للبيت الأبيض على مدار ستة سنوات متتالية _ فترة حكم زوجها بيل كلينتون_ كما كانت وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد باراك أوباما الرئيس السابق للولايات المتحدة، شخصية يعرفها العالم أجمع، وتمتلك شخصية سياسية يعلم مداها العالم أجمع، أشارت كل الاستفتاءات في أمريكا إلى إنها ستفوز لا محالة لتجد في النهاية أن ترامب فاز بالحكم، تداعيات كثيرة قامت منذ أن تولى الحكم أثرت بشكل أو بأخر على إمكانية حيازته على فترة ثانية في حكم القوى الاقتصادية الأضخم في العالم، وتقصيره في التعامل مع العديد من الملفات كانت واحده من أهم المسببات في الهزيمة النكراء أمام جو بايدن.
جورج فلويد وفيروس كورونا تحالفا للإطاحة بدونالد ترامب.
في الخامس والعشرون من مايو لسنة 2020م، في مدينة مينابولس ولاية مينيسوتا بالولايات المتحدة فجعَ العالم بحادثة وصفت بالوصمة العنصرية في تاريخ الولايات المتحدة، كان بطل الفاجعة جورج فلويد والذي قُتلَ خنقاً بواسطة ضابط الشرطة “ديريك تشوفن” والذي ظل ضاغط بركبتيه على عنق فلويد لمدة قاربت إلى تسعة دقائق، فُصلَ على أثر الحادث ضباط الشرطة الأربع المتورطين في الحادثة، صارت على إثرها مظاهرات و احتجاجات بجميع أنحاء أمريكا بل تخطى الأمر حدود أمريكا لتنتقل إلى العالم أجمع، كما أثر فيروس كورونا الذي حط على الأرض في نوفمبر 2019م على مجريات التوجه العام الأمريكي، والذي وصف المحللين على أثره بأن إدارة ترامب لم تتعامل بالشكل الأمثل مع الجائحة، وصلت أعداد المصابين بفيروس كورونا إلى حوالي 23 مليون مصاب و 385 ألف حالة وفاة في الولايات المتحدة الأمريكية، علم بايدن من الوهلة الأولى أن هذان الملفان بالتحديد هما المدخل إلى البيت الأبيض وبالفعل استغلهما أفضل استغلال لكي يصل إلى مبتغاه.
كامالا هاريس الحصان الأسود للوصل للرئاسة الأمريكية.
كامالا هاريس المرأة التي دخلت في صراع مع جو بايدن قبل عام من ترشيحه للحكم والذي كان سببه الاختيار الذي قام به الحزب الديمقراطي لاختيار مرشح للانتخابات الأمريكية، وصفته وقته بالعنصري إلى أن اعتقد الجميع بان هذا الوصف قد يكلفه حظوظه الانتخابية إلا إنه كان بالغ الذكاء في التعامل مع هذا، ليعود بعدها وبعام واحد حين ترشح أمام ترامب في الانتخابات الأمريكية وقد رشح هاريس كنائباً له، الأمر الذي غير في الكثير من مجريات الأمور بالنسبة للمواطن الأمريكي، فتمكن بايدن وبذكاء بالغ من صنع معادلة وضعته في كرسي الحكم الأمريكي، أن تأتي بنائب رئيس امرأة وصاحبة البشرة السمراء لأول مرة معاً هذا كان كفيل بأن يجعل الناخب يعلم إلى أين سيتجه صوته بكل تأكيد، كما كانت لافتة فير مباشرة إلى مدى العدالة والمساواة التي سيحققها في حين وصل إلى الحكم فكون نائب الرئيس صاحبة بشرة سمراء مثلها مثل فلويد والملايين من أصحاب البشرة السمراء في أمريكا هذا يجعل هناك تقارب بينه وبين تلك الملايين، الغريب في الأمر أن حتى على مستوى كورونا فقد خرج اللقاح الخاص بشركة ” فايزر ” الأمريكية لكي يدعم ويؤيد بايدن بعد توليه الحكم.
أعمال الشغب في الكونجرس الأمريكي قد تجعل كن ترامب معزول.
منذ حوالي أسبوع رأينا مشهداً أخر من المشاهد الغريبة والتي اعتاد عليها العالم في فترة حكم ترامب، حيث اقتم أنصار ترامب الحواجز الأمنية للكونجرس الأمريكي بل واستطاعوا أن يدخلوا مبنى الكونجرس، تدخل عناصر الشرطة وأسفر الاقتحام عن مقل 4 وإصابة العشرات من المؤيدين، واستطاع رجال الشرطة من السيطرة على الموقف في النهاية، لم ينتهي المشهد بعد، لنجد بعد ذلك أنباء عن عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من منصبه و اتهامه بتحريض أنصاره على الدخول إلى بنى الكابيتول، وبالفعل صوت مجلس النواب على ذلك، وفق على القرار بواقع 232 صوت بعد انضمام 10 أصوات من نواب جمهوريين مقابل 197 صوت معارض للقرار، ليخرج إلينا ترامب بلقب جديد كأول رئيس أمريكي يعزل مرتين، سيصوت مجلس الشيوخ بدوره على هذا القرار وإن حسم التصويت ضد ترامب سيمنع من ترشيح نفسه مرة ثانية إلى تولي منصب الرئيس الأمريكي، مازالت التحذيرات تخرج بشأن أعمال عنف مسلحة محتملة في الشارع الأمريكي قبل تنصيب جو بايدن.