لطالما كان الإنسان و منذ القدم في صراع شرس ضد مختلف الأمراض و الأوبئة. بداية بالطاعون و الجذري و الإنفلونزا الإسبانية وإنتهاءً بفيروس كورونا و الذي يعد الشغل الشاغل الذي يؤرق كل الحكومات و المراكز الطبية في العالم من أجل توفير علاج فعال له على الأقل أو حتى لقاح يمنع تفشيه أكثر بعد حصده أكثر من مليون حالة وفاة لحد الآن .
حسنا كل ما ذكر سابقا يعد أمراضا عضوية، لها أعراض كثيرة و إن تشابه بعضها و لا إختلاف أن تشخيصها يلزمه زيارة الطبيب على الأقل أو حتى الإستعانة بمختلف الأجهزة الطبية و يبقى ذلك أسهل نسبيا مما سنذكره لاحقا، عن أمراض أخرى لا تقل خطورة عن سابقتها و تزيد عنها خطورة أحيانا، و ما يزيد الطين بلة أنها تشخيصها يعد الأصعب بدون مبالغة. أحيانا بسبب نقص ثقافتنا حولها أو بسبب للتشابه الكبير بينها و أحيانا بسبب إعتبارها وسمة عار بسبب نظرة المجتمع لصاحبها .
الأمراض النفسية والعقلية
بداية وجب علينا أن نوضح أمرا مهما جدا قد يختلط على الأغلبية، هل الأمراض النفسية هي نفسها الأمراض العقلية؟ أو بمعنى آخر هل المريض النفسي شخص مجنون؟
الإجابة طبعا لا و ألف لا و هذا هو السبب :
الإختلاف بين المرض النفسي و العقلي كبير جدا، لتبسيط الأمر على القارئ وجب الإشارة إلى أن المرض النفسي هو إختلال مكتسب في نفسية المريض يؤثر على تفكيره و إتخاده القرارات و قد يعيقه على آداء واجباته اليومية بشكل سليم، مع أن الشخص المصاب بالمرض النفسي يكون واعيا بمرضه و مدركا له، كما أن وظائفه المخية تكون سليمة و قد أطلق العلماء على مجموعة الأمراض النفسية بالأمراض العصابية.
في الجهة الأخرى الأمراض العقلية تعد حالة مغايرة تماما، فالمرضى العقليون قد يولدون مرضى و قد يكتسبون المرض، كما أن المرض العقلي هو إختلال واضح في وظائف المخ ما يجعل المريض يعاني إختلالا في الإذراك و هلاوس سمعية كانت أو بصرية و هذا ما يعرف عند البعض بالجنون، رغم أنني أرفض هذا الوصف لعدة إعتبارات.
ماهي أسباب الأمراض النفسية و العقلية ؟
حقيقة لا يوجد سبب واضح في أغلب الحالات، ولكن وجد العلماء إرتباطا وثيقا بين هذه الأمراض و الوراثة و هذا ما يفسر إنتشار هذه الأمراض في عائلات دون الأخرى نفسية كانت أو عقلية. كما توجد أسباب أخرى من بينها الصدمات النفسية والضغوطات و بعض الأدوية و حتى بعض الأمراض العضوية قد تكون سببا مباشرا .
ماهو العلاج و هل هو فعال ؟
حقيقة الأمر هنا معقد، يختلف العلاج إختلافا كبيرا بين الأمراض العقلية و النفسية .
تندرج الأمراض العقلية تحت ما يسمى بالأمراض الذهانية و معنى ذلك أن المريض يعاني من هلاوس و قد يعيش منسجما مع عالم آخرا من صنعه ما يجعل التعامل معه صعبا و هذا ما يجعل الأطباء يلجؤون بشكل كبير لإستعمال مجموعة كبيرة من العقاقير أشهرها مضادات الذهان. كما أن العلاج غالبا يكون للسيطرة على الأعراض أما الشفاء التأمل فيبدو مستبعدا .
أما الأمراض النفسية و كما سبق و ذكرنا فهي تندرج في نطاق آخر تحت مسمى الأمراض العصابية و يعتمد علاجها غالبا على الدمج بين العلاج السلوكي (تحت إشراف مختص نفسي) بالإضافة إلى العلاج الدوائي و ذلك حسب الحالة و مدى شدتها و قد يكتفى أحيانا بأحد العلاجين فقط. كما أن الأمراض النفسية غالبا قابلة للعلاج و الشفاء التام إذا ما تلقى المريض العناية اللازمة و في الوقت المناسب .
في النهاية وجب التنويه أن الأمراض النفسية والعقلية صارت منتشرة بشكل أكبر بسبب الضغوطات التي تفرضها الحياة و حقيقة هي لا تقل خطورة عن الأمراض العضوية و لذلك وجب لكل شخص الإعتناء بصحته النفسية و العقلية سواء بممارسة الرياضة و الإبتعاد عن الضغوطات أو حتى الإستعانة بمختص إن لزم الأمر، مع تمناتي بدوام الصحة للجميع .