يروي لنا الأجداد قصة ذلك الملك العظيم الذي رُزق بفتاة في غاية الجمال، تخلب لُب من ينظر إليها، وتخطف عقول أكثر الرجال اتزانًا.
غير أن الملك دارى هذا الجمال بين جنبات القصر، فنشأت الفتاة وترعرعت بين جواريها وخدمها، فلم تتطلع عليها أعين الرجال .. وتعجب الناس من تصرف الملك .. الحق أن الفتاة تستحق أن تُحمى وتُدارى عن أعين الفضوليين، وتُحمى بالحرس والرجال، وتخبأ عن مطامع الحاشية، ولكن ليس إلى هذا الحد!
ولكن ما زاد عجبهم هو خروج الملك عن تلك القاعدة فجأة ..
ففي أحد الأيام طلب الملك من مربيتها الأثيرة، أن تُلبس ابنته ملابس عادية، لا تشي أبدًا بمكانتها ولا سلطانها، ولكن تلك الملابس لم تدار من فتنتها التي طغت على أي ملبس أو زينة .. والحق أن الفتاة كانت غانية عن كل تلك الزينة، فهي فاتنة في ذاتها.
طلب الملك من المربية أن تمضي بابنته في طرقات المدينة من الصباح حتى المساء، ثم تأتي وتخبره بما حدث، وذلك بدون أن تصحب معها أحد من الحراس أو حتى الرفقاء.
وامتثلت المربية الأمينة، فأخذت قرة عين الملك الصغيرة، وطافت بها في أسواق وطرقات المدينة، وهي تكاد تحوطها بجسدها، حرصًا ألا ينظر إليها أحد بنظرة لا تحق.
ومضى اليوم .. وعادت المربية والفتاة من جولتهما في المساء .. وأوت الفتاة إلى مضجعها، وطلب الملك من المربية أن تحضر إليه.
وسألها الملك: كيف كانت تلك الجولة؟
قالت المربية: كانت بكل خير يا مولاي، فلم يكد يعلم الناس أن هذه هي ابنة مولانا إلا غضوا طرفهم عنها بالنظر حتى قبل الكلام، وانتهى اليوم على خير.
ثم ترددت لحظة قائلة: غير أنه .. غير أنه …
فاستحثها الملك بهدوء قائلًا: غير أنه ماذا؟
فاحمر وجه المربية قليلاً وقالت: حينما اقتربنا من أبواب القصر، وفي ذلك الممر الخافت الإضاءة قبل بوابة القصر …
ترددت مرة أخرى ثم أمام نظرات الملك المستحثة المترقبة قالت: قبل الوصول إلى حيث منطقة الحراس، خرج رجل غريب من بين الشجيرات، وهجم على مولاتي الأميرة فقبَّلها قبلة في خدها ثم هرب مرة أخرى سريعًا بين الشجيرات .. حتى أنني – ولا الأميرة – تبينَّا ملامحه.
توقعت المربية أن يثور الملك ..
أن يغضب ويأمر بالبحث عن الفاعل ..
أن يوبخها على عدم حرصها وإهمالها ..
أن يفعل أي شيء إلا ما فعله في تلك اللحظة ..
فقد غمر الارتياح ملامح الملك، وأغمض عينيه، وتنهد قائلاً:
“الحمد لله .. الآن اقتص الله منِّي .. فهذا هو الذنب الوحيد الذي أذنبته في شبابي”
الأمر لا يتطلب الكثير من الحكمة … كما تدين تُدان.
مدرب الكاراتيه وفضيحة المحلة
توقفت منذ فترة عن متابعة الأخبار، لسخافة ما يُعرض على شاشات التلفاز أو معظم المواقع الإخبارية، واقتصرت متابعتي على الفيسبوك فحسب.
كان ذلك حتى رأيت الهاشتاج الشهير #نكاح_الكاراتيه مع بعض التعليقات الساخرة التي لم أفهمها.
قمت بعمل بحث عن الهاشتاج، وفهمت من التعليقات ما حدث، ثم قمت بالدخول – آسفًا – على المواقع الإخبارية لمعرفة ما حدث بالضبط.
لا داعي لتكرار القصة .. أنتم تعرفون جيدًا قصة مدرب الكاراتيه بل ربما أفضل مني.
ولكن الأمر يحتاج إلى وقفة للنظر إليه برؤية جديدة ..
أنا لا أعرف سيدة واحدة من المتورطات في الفضيحة، ولا أدري حقًا إن كان منهن زوجات ضباط أو قضاة، بل حتى لا أدري من أولئك القُضاة أو الضباط الذين يتحدثون عنهم .. الأمر لا يعنيني من هذا المنطلق على الإطلاق، ولكني أنظر إليه من رؤية أخرى مختلفة.
افترض أن الأسماء مجهولة، ولا يوجد من يُسمى مدرب الكاراتيه أو فضيحة المحلة، ولكن سمعت أن فلان – اسمه (ص) على سبيل المثال – قام بعمل علاقة محرمة مع فلانة، التي هي زوجة المواطن (س).
فما الذي فعله المواطن (س) حتى ينال (ص) من شرفه وعرضه؟
تذكروا جميعًا أن هذه سُنَّة كونية، ومعنى كلمة “سنة كونية” أنها تشمل المؤمن وغير المؤمن، بل في بعض الأحيان تشمل الحيوانات، والأمثلة كثير.
لن يُصاب (س) بأي أذى في عرضه وشرفه طالما هو يحافظ على أعراض الناس، ولن يستطيع (ص) أن يفعل مع زوجته أي شيء، وسيجد حاجز رباني يحجزه عن مجرد المساس بشرفها، بل على العكس، سيذكرها بكل خير إن سُئل عنها.
ولكن إذا أصاب (س) من أعراض الناس، بالقول أو الفعل أو التحريض أو التيسير لمثل هذا الأمر .. كيف هو الحال؟ الحال هو : مدرب الكاراتيه أو فضيحة المحلة كما ذُكر آنفًا.
مدرب الكاراتيه ليس نهاية المطاف وليس أوله
في مطلع العام عثرت مديرية أمن الدقهلية على جثة أحمد سامح المكاوي، ممزقة بأكثر من 90 طعنة بالسكين، وبعد عدة أيام من البحث اكتشفوا أن من قتلته هي عشيقته التي قامت معه بعلاقة غير شرعية حملت منه على أثرها، وطلبت منه الزواج، ولكنه طلب منها الإجهاض. تشاجرت معه – اسمها عبير بالمناسبة – وأدى الشجار إلى نزاع دموي رفعت فيه السكين – هي وإحدى صديقاتها – وانتهى المشهد بمجزرة دموية.
من هي عبير تلك؟
هي عبير ابنة المحامي الذي يدافع عن قتلى حرائر المنصورة ومن أشهر أولئك الحرائر (هالة أبو شعيشع) .. هل تذكرها؟
هذا المحامي اتهم حرائر المنصورة بأنهن كذا وكذا وكذا .. فأتاه الله من حيث لم يحتسب، واتُهمت ابنته – حقيقة يقينية وليس ادعاءًا هذه المرة – بالزنا، بل وقتلت عشيقها.
اللمسة الأخيرة في هذا المشهد المدار بحكمة ربانية لا تُوصف هو أن الشقة التي قُتل فيها هذا العشيق، بواسطة عبير كانت في نفس الشارع الذي قُتلت فيه هالة أبو شعيشع … !!!!
مدرب الكاراتيه ليس قضية عابرة لواقعة فعل مُخل، بل هي لحظة تفكر لكيف يُدير الله كونه، وما هي السنن الربانية التي تصيبنا جميعًا تحت هذه القاعدة: كما تدين تُدان.