الكثير من الشباب يهفو إلى قول هذه الكلمة لفتاة أحلامه .. للفتاة التي أحبها قلبه وارتاحت لها نفسه .. والحب نعمة بالغة من النعم الكبرى التي منَّ الله علينا بها، وبها نتواصل ونتعارف ونتآلف .. ومرحلة الشباب هي المرحلة الأنشط والأكثر خصوبة عاطفيًا في حياة الشباب، وهي بحق المرحلة الأنسب التي يجب أن تتفجر فيها هذه المشاعر الفياضة.
وقد زرع الله في قلب الشاب – كما زرع في قلب الفتاة – الميل الطبيعي ناحية الجنس الآخر، وسنَّ الله في شرعه طرق واضحة جلية لإجراء هذا التواصل، وتتويج هذا الحب، تحفظ للشاب شرفه، وللفتاة كرامتها، وللمجتمع استقامته.
ولكن عزيزي الشاب .. قبل أن تصرح بحبك لفتاة أحلامك يجب أن تتريث لحظة .. يجب أن تسأل نفسك هذه الاسئلة قبل أن تقول لها: أحبك.
1- هل تخيلت حياتك معها؟
يجب أن تفهمها جيدًا في البداية، وتتعرف على شخصيتها بقدر الإمكان، وبقدر ما تسمح به الظروف، ثم ابدأ بتخيل حياتك معها.
الخيال ليس خيال على إطلاقه كما يظن البعض، بل هو جزء من الحقيقة، ولكنه لم يحدث بعد. وأنت حينما تتخيل حياتك مع فتاة على أنها زوجتك، يجب أن يمر في خيالك كل مواقف الحياة بينكما.
تخيل نفسك وأنت تزور بيت أسرتك – أو أسرتها – معها .. تخيل نفسك وهي تعاملك في المنزل، وتعتني بكل ما يخصك من مأكل وملبس وغيره .. تخيل نفسك وأنت تسير معها في الشارع .. تخيل نفسك معها لحظة الغضب .. الخ.
ربما تظن أن هذا العنصر تافه أو سطحي، ولكنه بحق الخطوة الأولى نحو حياة سعيدة مع فتاة أحلامك.
أعرف شابًا متألقًا معرفة شخصية، كان قبل زواجه يسمع الكثير من شكوى الأزواج عن الزواج والحياة الزوجية ومشاكلها ومتطلباتها ومنغصاتها، ولم يسمع كلمة إيجابية واحدة عن الزواج والحياة الزوجية، ورغم ذلك، ظل الفتى إيجابيًا يتمنى لنفسه حياة زوجية سعيدة، ويتهم كل من يتحدثون بأنهم لم يستطيعوا اختيار حياة سعيدة، وأن العيب فيهم وليس في الزواج، وأنه سيظل سعيدًا مع زوجته أبد الدهر، والكثير من هذا القبيل.
اللطيف أن هذا الشاب تزوج بعدها بأقل من عام .. ومنذ 7 سنوات وحتى الآن – وبعد إنجاب طفلين – مازال مع زوجته كمن تزوجا بالأمس فقط، بل إن من ينظر إليهما وهما سائرين في الطرقات بدون الأطفال، يظن بالفعل أنهما عروسان في شهر العسل.
هذا الفتى إيجابي، وفكر بإيجابية، وتخيل حياة سعيدة مع زوجته، وأرادها سعيد، وعمل على ذلك .. فكان له ما أراد .. كن مثله .. تخيل حياتك معها قبل أن تقول لها أحبك.
2- هل هذه هي الفتاة التي ستكون أم أبنائك؟
ربما يبدو السؤال غريبًا، ولكنه أهم سؤال لمن يريد أن يفتح بيتًا ويقيم أسرة.
للأسف الكثير من الشباب الآن حينما يختار ينظر إلى نفسه فقط في مسألة الاختيار، فيعتني للغاية بمدى تناسب الفتاة لشخصيته، وطباعه، وينسى تمامًا أبناء المستقبل .. دعني اسألك السؤال بصيغة أخرى: هل هذه هي الفتاة التي تصلح أن تربي أبنائك كي يصبحوا رجالاً تفخر بهم؟
فإذا كانت الإجابة: نعم، فانتقل إلى الخطوة التالية، وإذا كانت: لا، فتوقف وأعد دراسة الصفات الأساسية التي يجب أن تكون في الأم الناجحة وابحث عنها في فتاة أحلامك المرتقبة.
3- هل تستطيع النظر إلى وجهها بدون مكياج؟
بالطبع أتمنى لكل شباب المسلمين أن يُرزقوا بفتاة تفهم دينها بحق، وترفض أن تخرج من بيتها وهي واضعة للمكياج – متبرجة – ولكني أتحدث الآن عن واقع نعيشه جميعنا.
الفتاة الآن حينما تخرج من بيتها في طريقها إلى زيارة أقربائها أو إلى الجامعة، تقضي أمام المرآة ما يقرب من الساعة وربما أكثر، لتخرج إليك وتراها بتلك الصورة التي تراها عليها. والشاب – المسكين – يظن أنه حينما يختار فتاة جميلة بكل تلك الإضافات، أنها ستظل جالسة أمامه في المنزل بمثل هذا المكياج طوال الوقت.
لا تكن ساذجًا يا عزيزي …
أنت ترى من الفتاة الآن المشهد النهائي الذي بذلت فيه قصارى جهدها، وتظن – بسذاجة – أن هذا المشهد سيستمر بعد الزواج، وتنسى أنها هي هي نفسها الفتاة التي ستطبخ، وتغسل، وتمسح، وتكنس، وتحمل وتلد، وتعتني بالأطفال، وتستيقظ من النوم وهي على هذه الشاكلة .. فهل أنت تحبها حب حقيقي حتى تتحمل منها أن تكون على هذه الهيئة في تلك الأوقات المختلفة بينكما؟
إذا كانت الإجابة: نعم، فأتمنى لك حياة سعيدة معها، وإذا كانت الإجابة: لا .. فأعد تغيير مفاهيمك عن شكل
الفتاة حتى لا تظلمها معك.
4- هل تملّ حديثها؟
بالتأكيد سمعت عن (الخرس الزوجي) الذي يصيب الرجال بعد الزواج، فتتحدث زوجته، وتتحدث، وتتحدث، وتحكي، وتروي، وتقول، وتعيد، وتزيد .. والرجل لا تغادر عيناه التلفاز أو الجريدة، ومن وقت لآخر يقول كلمات مبهمة يوحي فيها بالاستماع مثل: همم .. امم .. أه .. نعم … فعلا؟ …الخ.
طبيعة المرأة أنها تحب الحديث، وهذا ليس عيبًا في شخصيتها، فهي عاطفية بالفطرة، وتحب أن تعبر عن مشاعرها بصورة دائمة، وصورة التعبير الأقرب التي تعرفها كل النساء هي الكلام.
وبطبيعة حياتها الزوجية معك، تراك أولى الناس بالاستماع إليها، فتتحدث إليك بتلقائية، وأمل أن تشاركها مشاعرها واهتماماتها.
فإن لم تستطع الاستماع إليها، أو تراها مملة الحديث لا جديد عندها، ولا ترغب في الاستماع إليها، فتريث قبل أن تعترف لها بحبك، فهي لن تتحمل تجاهلها لك إذا أصبحت زوجها، والعيب ليس فيها، فمن أعجب الأمور في سنة الحبيب – صلى الله عليه وسلم – أن أطول حديث في السنة النبوية كلها، هو حديث (أم زرع)، على الرغم من أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد قال جملة واحدة فقط في هذا الحديث كله، وستتعجب حينما تعرف ما هو حديث (أم زرع).
اجتمعت 11 امرأة عند السيدة عائشة وأخذت كل واحدة منهن تصف زوجها بما فيه، وجاءت السيدة عائشة – رضي الله عنها – تحكي هذا الحديث بأكمله للنبي – صلى الله عليه وسلم – والنبي جالس يستمع ولم يقاطعها بحرف واحد حتى انتهت.
الشاهد من الحديث، أن أمنا – السيدة عائشة رضي الله عنها – أخذت تتحدث على راحتها، واستمع إليها الحبيب ولم ينشغل عنها.
فإذا كنت لا ترى هذه الصفة فيها، أو بمعنى أدق في نفسك، فتوقف لحظة حتى تكتسبها، أو تجد من الفتيات ما يكون لحديثها صدى طيب في نفسك، يدفعك إلى الاستماع إليها دومًا، ولا تملها.
إذا كانت لديك خبرات أخرى تود أن تنصحنا بها، شاركنا إياها في التعليقات.