أخفقت دعوة روسية إلى وقف هدنة مدتها خمس ساعات يوم الثلاثاء في وقف إحدى أكثر الحملات السورية تدميرا، حيث قال السكان أن الطائرات الحربية استأنفت ضرب منطقة الغوطة الشرقية بعد هدوء قصير، وذكرت مصادر دبلوماسية أن هيئة مراقبة الأسلحة الكيميائية، وهي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فتحت تحقيقا في الاعتداءات في الغوطة الشرقية لتحديد ما إذا كانت الذخائر المحظورة قد استخدمت.
وكان القادة السياسيون في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا أعلنوا الشهر الحالي أنهم سيدعمون العمل العسكري ضد دمشق إذا كانت هناك أسلحة كيميائية استخدمت من قبل قوات الرئيس بشار الأسد حليف روسيا.
واتهمت موسكو ودمشق المعارضة المسلحة بانهيار الهدنة، قائلين إن المقاتلين قصفوا طريقا أمنيا مخصصا للمدنيين لمغادرة الغوطة، ونفى المقاتلون هذا القصف، واتهم جنرال امريكى بارز موسكو بأنها تفشل فى كبح جماح الاسد.
وقال وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف أن موسكو ستضغط على خطة لتشكيل توقفات يومية مماثلة فى القتال، مما يسمح بتسليم المساعدات الى الغوطة الشرقية من خلال ما تصفه روسيا بأنها ممر انسانى.
إلا أن الأمم المتحدة قالت إنه من المستحيل مساعدة المدنيين إو إجلاء الجرحى، وقال إنه يتعين على جميع الأطراف الالتزام بدلا من ذلك بهدنة مدتها 30 يوما يسعى إليها مجلس الأمن الدولى.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية جينس لاركه “لدينا تقارير صباح اليوم عن استمرار القتال في الغوطة الشرقية”، وأضاف: “من الواضح أن الوضع على الأرض لا يمكن أن تصل إليه القوافل أو يمكن أن تنجح عمليات الاجلاء الطبي”.
وقد قتل مئات الاشخاص خلال عشرة أيام من القصف الحكومي على الغوطة الشرقية، وهي منطقة من المدن والمزارع في ضواحي دمشق، وكان هذا الهجوم من بين أكثر الحملات الجوية تدميرا للحرب التي دخلت عامها الثامن.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها مستعدة للدخول إلى الغوطة الشرقية لتقديم المساعدات المنقذة للحياة إلا أن الوقفة المقترحة لمدة خمس ساعات قصيرة جدا.
وقال روبرت مارديني مدير اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، دون ذكر روسيا، أن الممرات الإنسانية يجب أن تكون مخططة بشكل جيد وأن توافق عليها جميع الأطراف المتحاربة، في حين ينبغي السماح للأشخاص بالمغادرة بإرادتهم الحرة.
في هجوم الغوطة الشرقية، تعتمد الحكومة السورية على الأساليب العسكرية التي استخدمتها لسحق خصومها في أجزاء أخرى من سوريا، بما في ذلك شرق حلب في أواخر عام 2016.
الموت تحت الحواجز
وقد اقترن تكثيف القصف على المنطقة المحاصرة بالتحقيق في الهجمات البرية لاختبار دفاعات المتمردين.
ومع عدم وجود أي ضغوط دولية حاسمة لوقف الهجوم، يبدو أن الغوطة الشرقية ستواجه نفس المصير الذي حصلت عليه المناطق الأخرى التي عادت إلى سيطرة الحكومة، حيث أصبحت الممرات الإنسانية في نهاية المطاف طرقا للهروب للمقاتلين المهزومين.
وقال لافروف فى مؤتمر صحفى مشترك مع وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لي دريان فى موسكو: “أنه تم إقامة ممر إنسانى ملموس سيتم استخدامه لتقديم المساعدات الانسانية وفى الاتجاه الآخر يمكن أن يتم الاجلاء الطبى ويمكن لجميع المدنيين الذين يرغبون فى المغادرة”.
لكن وزارة الصحة السورية في الحكومة السورية المؤقتة رفض دعوة الهدنة الروسية باعتبارها حيلة للتحايل على قرار الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار لمدة شهر، وأضاف البيان إن النداء في الواقع يتيح للمقيمين الاختيار بين “الموت تحت القصف” أو التهجير القسري، مطالبا الأمم المتحدة بإرسال معونات إغاثة على الفور.
واتهم الجنرال الاميركي الجنرال جوزيف فوتيل روسيا، بالقيام بدور مزعزع للاستقرار في سوريا قائلا إن موسكو فشلت في كبح جماح حليفتها السورية، وأضاف “اعتقد ان روسيا يجب أن تعترف بأنها غير قادرة أو أنها لا تريد أن تلعب دورا في إنهاء النزاع السوري، وأعتقد أن دورهم يزعزع الاستقرار بشكل لا يصدق في هذه المرحلة “.
وذكرت وكالة أنباء انترفاكس نقلا عن جنرال روسى أن الجيش الروسى قال أن مقاتلي المعارضة فى الغوطة الشرقية بدأوا هجمات جديدة بالمدفعية المكثفة وإطلاق النيران بعد ظهر اليوم.
التصعيد
ووصف سكان عدة مدن في الغوطة الشرقية وقفة قصيرة في القتال، لكنهم قالوا إن القصف استؤنف بسرعة، وفي بلدة حمورية، قال رجل يعرف نفسه باسم محمود إن المروحيات والطائرات كانت في السماء وتقوم بضربات، وقال سراج محمود المتحدث باسم خدمة انقاذ الدفاع المدنى التى تمولها الحكومات الغربية ويعمل فى مناطق المقاتلين أن المدفعية والضربات الجوية ضربت المنطقة.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن طائرات مروحية وطائرات حربية أصابت أربع مدن وقصف مدفعي أسفر عن مقتل شخص واحد.
دعا قرار لمجلس الامن الدولى يوم السبت الى وقف اطلاق النار لمدة 30 يوما فى جميع انحاء البلاد، بيد أنه لم يحدد متى يجب أن يبدأ، وهو يستبعد بعض الجماعات المسلحة التي هي من بين المقاتلين في الغوطة الشرقية.
وهذا يعني أن وقف إطلاق النار لم يلاحظ عمليا، ورفض المتحدث باسم الأمم المتحدة ليرك التعليق على الاقتراح الروسى بهدنة مدتها خمس ساعات، بيد أنه دعا بدلا من ذلك جميع الأطراف إلى الإلتزام بوقف إطلاق النار الكامل لمدة 30 يوما.
وقال ليركى من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية فى مؤتمر صحفى فى جنيف “ان الامر يتعلق بالحياة والموت … إننا نحتاج الى وقف أعمال القتال لمدة 30 يوما فى سوريا كما يطالب مجلس الأمن بذلك”.
وقال متحدث باسم المقاتلين أن سكان الغوطة الشرقية لا يريدون مغادرة المنطقة رغم القصف لأنهم يخشون الاعتقال أو التعذيب أو التجنيد من قبل الحكومة، وقالت روسيا أنها ستضمن سلامة أي مدنيين يغادرون، الغوطة الشرقية، حيث تقول الأمم المتحدة أن حوالي 400،000 شخص يعيشون هناك، هم هدف رئيسي للأسد، الذي استولت قواته على العديد من المناطق بدعم عسكري من روسيا وإيران.
وكثف المقاتلين المتمركزون في الغوطة الشرقية قصف دمشق التي تسيطر عليها الحكومة، وقال مسؤول طبي في العاصمة أن 36 شخصا قتلوا في أربعة أيام، وذكرت وسائل الاعلام السورية أن ثمانية اشخاص أصيبوا بجروح نتيجة قصف المتمردين يوم الثلاثاء، وتقول دمشق وموسكو أن هناك حاجة إلى حملة في الغوطة الشرقية لوقف هذا القصف.
تجدر الاشارة إلى أن الحرب السورية متعددة الأطراف قتلت مئات الآلاف من الناس ودفعت نصف سكان ما قبل الحرب الـ 23 مليونا لمغادرة منازلهم، وتصاعد القتال على عدة جبهات هذا العام، مع انهيار الدولة الإسلامية، مما أدى إلى نشوب نزاع بين الأطراف السورية والأجنبية الأخرى.
وفي الوقت الذي يضغط فيه الأسد على الغوطة الشرقية، شنت تركيا عملية توغل ضد مقاتلين أكراد في منطقة عفرين شمال غرب البلاد، كما اندلعت التوترات بين إيران وإسرائيل، مما أثار جزع نفوذ طهران في سوريا، وأسقطت دفاعات جوية سورية طائرة اسرائيلية من طراز اف 16 فى وقت سابق من هذا الشهر عندما عادت من غارة بالقنابل على مواقع تدعمها إيران فى سوريا.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ستفحص الهجمات بما فيها هجوم يوم الأحد، حيث قالت السلطات الصحية أنه قُتل طفل بعد أعراض تتفق مع التعرض لغاز الكلور.
وكانت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الغوطة الشرقية مسرحا لهجمات كيماوية في عام 2013، قتل فيها مئات المدنيين في أبشع استخدام للأسلحة الكيميائية منذ عقود.