إعتاد محمد أن يستيقظ مبكرا يصلى الفجر فى مسجد قريته ثم يذهب إلى بيته وسط زقزقة العصافير وصوت القرآن الكريم فى محلات التجار بصوت قراء مصر كالمنشاوى وعبدالباسط وهم يرشون الماء ويهتمون بنظافة الشوارع ويتهيئون للعمل وطلب الرزق .
وكثيرا ما كان محمد يذهب إلى الحقل فى اوقات فراغه يتأمل جمال طبيعة القرية التى يسكنها فى “أسوان ” محمد كان يحب بلاد النوبة كثيرا فقد كان يرى فيها ذلك الجمال الذى صورته شخصية “بكار ” الكرتونية هذه براءة طفل صغير لا يحمل فى قلبه حقد ولا غل لأحد .
حتى استيقظ على هذا الخبر المفزع الذى هز مصر بأكملها مقتل العشرات واصابة العشرات فى اشتباكات بين عائلتين من اسوان والنوبة وأخذ الخبر منحى مفزعا وكأنها حرب أهلية بين بلدتين .
لا تلوموا من كتب على الجدران فشبت من أجله هذه الفتنة حتى أودت بالعشرات الى القبور , ولا تلوموا الأطفال التى رأيناهم يحملون السلاح والجثث على عربات الكارو فى منظر لم نره سوى فى بورما.
ولكن كما قيل إن الثورات العربية جاءت فأخرجت أخبث ما فينا من أخلاق , فقتلت براءة الأطفال وشُوهت معالم الاخلاق فى بلادنا وتلاشت قيم التسامح فلا ننتظر سوى فقدان ذاكرة العفو وانتشار الثأر وروح الانتقام ولو بالباطل , فن تتغير بلادنا حتى نغير أخلاقنا , وكما قيل :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت , فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
حينها لن نجد أبو كف رقيق يحمل سلاحا ً بل سيحمل هم نهضة بلاده وإعلاء قيم التسامح .