دائما ما يثير د.علي جمعة الكثير من الجدل بتصريحاته المخالفة لما هو متعارف عليه وهو مفتى الجمهورية السابق فلديه قدر من العلم والمعرفة لا يستهان به ولا يؤخذ هزوا وآخر هذه التصريحات هو قوله بأن الصابئة والزرادشتية هي ديانات سماوية ، وذلك بعد أن سئل عن عدد الديانات السماوية وعددها على فضائية “سي بي سي”، وكانت إجابته بأن الديانات السماوية أكبر بكثير من ثلاثة أو أربعة فالصابئة والزرادشتية والمجوس ديانات قد تكون سماوية وإن كانت محرفة لأن لهم كتب.
وأضاف “جمعة” :”فأتباع الصابئة هم أبناء سيدنا يحيي ابن سيدنا زكريا وقد جاء بديانة سماوية قبل سيدنا عيسى ابن خالته السيدة مريم , و لهم كتاب سماوي ويسمون بـ “الصابغة” المشتقة من “صبغة الله”.
الآراء بشأن تصريحات مفتى الجمهورية السابق
اختلفت الآراء حول تصريحات جمعة البعض يؤيد ودليله على ذلك قوله تعالى في القرآن الكريم :” ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62
لذلك يقول أنصار هذا الاتجاه أن الصابئة تعتبر أحد الأديان الإبراهيمية و يذهبون إلى أبعد من ذلك فهي اصل جميع الاديان لانها أول الاديان الموحدة والصابئة المندائية هي طائفة الصابئة الوحيدة الباقية إلى اليوم، كذلك ويؤمن الصابئة بعدد من الأنبياء وهم : آدم، شيت بن آدم (شيتل)، سام بن نوح، زكريا، يحيى بن زكريا (يهيا يهانا) ، ويتوجه الصابئة في آداء صلواتهمنحو قبلتهم التي تعرف بـ “بيت الحي” والتي تعرف باللغة المندائية بِـ:( بَيْت هَيِّي )، ويسمى مصحف الصابئين المقدس ” جِنْزَا رَبَّا”، وهم يؤمنون بالإله الواحد ويأتي في فاتحة كتابهم :
” هُوَ الْحَيُّ الْعَظِيم ، الْبَصِيرُ الْقَدِيرُ الْعَلِيم ، الْعَزِيزُ الْحَكِيمْ ، هُوَ الْأزَليُّ الْقَدِيمْ ،..، الْحَنَّانُ التَّوابُ الرَّؤُوفُ الرَّحِيْم ، الْحَيُّ الْعَظِيْم ، لَا حَدَّ لِبَهائِهْ ، وَلَا مَدىٰ لِضيَائِهْ ، الْمُنتَشِرةُ قـُوتُهْ ، الْعَظِيمَةُ قـُدرَتُهْ ، هُوَ الْعَظِيْمُ الَّذِي لَا يُرَىٰ وَلَا يُحَدّْ ؛ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي سُلْطَانِهْ ، وَلَا صَاحِبَ لَهُ فِي صَوْلَجَانِهِ ،..، هُوَ الْمَلِكُ مُنْذُ الْأزَلْ ، ثَابتٌ عَرْشُهُ ، عَظِيمٌ مَلَكُوتُهْ ، لَا أبَ لَهُ وَلَا وَلْد ، وَلَا يُشَارِكهُ مِلْكَهُ أحَدْ ، مُبارَكٌ هُوَ فِي كُلِّ زَمَانْ ، ومُسبَّحٌ هُوَ فِي كُلِّ زَمَان ، مَوْجُودٌ مُنْذُ الْقِدَم ، بَاقٍ إِلَىٰ الْأبَدْ “.
ويعتبر مفهوم الاغتسال والصباغة لديهم أحد أدلة كون الديانة الصابئية من أقدم الديانات التوحيدية، وقد قال عنهم ابن القيم :”الصابئة أمة كبيرة ، فيهم السعيد والشقي ، وهي إحدى الأمم المنقسمة إلى مؤمن وكافر ، فإن الأمم قبل مبعث النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نوعان : نوع كفار أشقياء كلهم ، ليس فيهم سعيد ، كعبدة الأوثان والمجوس ، ونوع منقسمون إلى سعيد وشقي ، وهم اليهود والنصارى والصابئة”
بينما كان للطبري رأي مخالف :” فالصابئون ، جمع صابئ ، وهو المستحدث سوى دينه دينا ، كالمرتد من أهل الإسلام عن دينه ، وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره ، تسميه العرب : صابئا … يقال صبأت النجوم : إذا طلعت ..” انظر تفسير الطبري 2/145 ، لسان العرب صبأ
وقال عنهم “الشافعي” رحمة الله عليه عنهم :” هم صنف من النصارى ، وقال في موضع : ينظر في أمرهم ؛ فإن كانوا يوافقون النصارى في أصل الدين ، ولكنهم يخالفونهم في الفروع ، فتؤخذ منهم الجزية ، وإن كانوا يخالفونهم في أصل الدين لم يقروا على دينهم ببذل الجزية ….”