أيام قليلة ويمر عام على قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه المصري وتحرير صرفه مقابل العملات الأجنبية، وذلك ضمن عدة إجراءات التي اشترطها صندوق النقد الدولي للحصول على قرض 12 مليار دولار أمريكي، مما أدى إلى هبوط قيمة سعر صرف الجنيه بأكثر من 100% ليصل إلى سعر الدولار متراوحا ما بين 17 – 18 جنيه.
ويرى خبراء اقتصاديون أن قرار تعويم الجنيه، كانت له آثارا سلبية على الاقتصاد المصري وأخرى إيجابية
الآثار السلبية لقرار تعويم الجنيه
هناك عدد من الخبراء اعتبروا قرار التعويم كان له تأثير كارثي على المواطن الفقير، نتيجة لارتفاع الأسعار بصورة مضطردة، فيقول أستاذ الاقتصاد في أكاديمية السادات الدكتور أنور النقيب: إن “القرار أثر سلبًا على الاقتصاد المصري بالنظر إلى فشله في رفع مستوى الصادرات ،وتقليل الواردات، وهو الهدف من وراء تحرير سعر الصرف بسبب عدم مرونة الجهاز الإنتاجي المصري”، وأضاف النقيب : أن “القرار أدى أيضًا إلى زيادة معدلات التضخم، وتقليل المستوى المعيشي للأفراد”.
بقي الدولار منذ التعويم ضمن حدود المستوى الرسمي وسط تخوف التجار من مخاطر المجازفة، مما دفع الحكومة المصرية لتخفيض سعر الدولار الجمركي، الأمر الذي ساهم في ثبات مستوى الصادرات والواردات ضمن حدود معدلاتها السابقة دون أن يطرأ عليها أي تحسن.
كما أن أزمة نقص الدولار أدى إلى شل حركة الواردات، في ظل تفاقم الدين العام بسبب التكلفة الباهظة للدعم مقابل ضعف حصيلة الضرائب.
ومن ضمن السلبيات التي خلفها تعويم الجنيه كما يراها الدكتور عبد المطلب عبد الحميد الرئيس السابق لقسم الاقتصاد في أكاديمية السادات، أن “تكلفة التعويم على المواطن الفقير كانت مرتفعة، بسبب ثورة الغلاء ،التي اجتاحت القطاعات كافة، كما زاد تحرير سعر الصرف معدل التضخم، فضلًا عن أن ارتفاع الأسعار وضعف القدرة التنافسية للمنتجات المصرية”.
الآثار الإيجابية لقرار تعويم الجنيه المصري
وبالمقابل يرى آخرون بأن قرار تعويم الجنيه المصري كان له إيجابيات لا يمكن تجاهلها والتي تمثلت من خلال زيادة في معدلات السياحة، وخفض الواردات، وزيادة الصادرات، فيرى الدكتور عبد الحميد من جهة أخرى إيجابيات التعويم: أن “تحرير سعر الصرف ،أدى إلى حل مشكلة الاعتمادات البنكية، إضافة إلى تسهيل الالتزامات الدولية لمصر، وسداد أقساط الديون بانتظام، كما ساهم أيضًا في القضاء على السوق السوداء ،والمضاربات، حيث استقر سعر الصرف بين 17 و 18 جنيهًا”.
وأشار عبد الحميد في تصريحات صحفية إلى أن “القرار أدى أيضًا إلى خفض الواردات ،بما يعادل 10 مليارات دولار، وزيادة الصادرات بنسبة 11%، إضافة إلى زيادة واردات السياحة ؛نتيجة انخفاض أسعار الخدمات السياحية، متوقعًا وصول عائدات القطاع السياحي إلى 6 مليارات دولار ،مع نهاية العام الجاري، كما أدى القرار أيضًا إلى زيادة تحويلات المصريين من الخارج”.
أما الخبير الاقتصادي، مدحت نافع، فيرى: أن “القرار ألقى بظلال إيجابية وأخرى سلبية على الاقتصاد المصري طويل الأجل من جهة، والمواطن الذي يحتاج حلولًا سريعة قصيرة من جهة أخرى”.
وأضاف نافع قائلا: أن “النظام المصرفي والحكومي، كان مطالبًا بتحديد سعر الصرف ،وليس تحريره، لكن الإستراتيجية نُفذت بأسلوب تسبب في مضاعفة سعر صرف العملة الأجنبية في السوق السوداء قبل أن يصبح السعر الرسمي”.
وأشار نافع إلى أن: “البنك المركزي يستطيع التحكم في موجة الارتفاعات من خلال آلية صانع السوق”، وأضاف قائلا: أن “الحل الأمثل على المدى الطويل، هو تشجيع الإنتاج لتعويض تراجع قيمة العملة المحلية”.