مرّت عشرة أشهر على قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف العملة المحلية بالبنوك أمام العملات الأجنبية، وذلك وفقاً لمتطلبات العرض والطلب، لجذب الاستثمارات الأجنبية لمصر من ناحية، والتحكم في ارتفاع سعر صرف الدولار المبالغ فيه مقابل الجنية في أواخر أكتوبر الماضي من ناحية أخرى، ولكن يبدو أن كل تلك التطلعات من جانب الحكومة المصرية لم يصادفها التوفيق على مدار الأشهر الماضية، ورغم الاضطرابات التي مرً بها سعر الدولار مقابل الجنية إلا أن استقرار سعره عند 17.62 جنيهاً في البنوك المصرية بعد مرور عام على قرار “التعويم” يطرح العديد من التساؤلات.
هل قرار “التعويم” كان صائباً؟
لا يمكننا الجزم بمدى فائدة قرار تحرير العملة من عدمه في الوقت الراهن، حيث أن أي قرار جديد تعقبه إيجابيات وسلبيات، ويحتاج لوقت طويل للحكم عليه، ولكن الأكيد أن قرار “التعويم” حقق العديد من الفوائد المرجوة من وراءه، وعلى رأسها التشجيع على جذب العديد من الاستثمارات الأجنبية بعد ترك الجنية حراً مقابل العملات الأخرى، يتحرك بحسب آليات العرض والطلب، والقضاء بشكل نسبي على الأسواق الموازية التي بدأت في التواري عن المشهد.
هل “التعويم” كان سبباً في زيادة الأسعار
قرار “تعويم الجنية” لم يكن سوى مصارحة من الحكومة تجاه شعبها بآن سعر الجنية بدأ ينهار أمام العملات الأجنبية وخصوصاً الدولار الأمريكي، حيث زادت الفجوة بين سعر الأخضر الأمريكي بالبنوك والسوق السوداء لتصل لأكثر من الضعف، وهو ما وضع الحكومة المصرية أمام حلين لا ثالث لهما، أما الاستسلام لذلك وترك الجنية يعاني أمام العملات الأجنبية في السوق السوداء بدون رقابة من الدولة، أما تقنين حركة العرض والطلب وفتح المجال أمام البنوك لشراء وبيع العملة حسب متطلبات السوق.
وبالتالي فإن ارتفاع الأسعار لم يكن نتيجة لقرار “التعويم”، بل لصعود سعر صرف العملة الأمريكية مقابل الجنية بشكل عام.
كيف مرّ عام على قرار “التعويم” ؟
بعد قرار تحرير العملة، ظن الجميع أن الدولار سيصل إلى سعره الطبيعي المزعوم وهو 13 جنيهاً، ولكن بعد مرور أقل من شهر وصل الدولار لأعلى مستوٍ له، عندما سجل في منتصف شهر ديسمبر 19.4 جنيهاً كأعلى سعر للشراء، قبل أن ينخفض نسبياً مع أواخر الشهر ذاته ويهبط لـ 18.60 قرشاً، إلا أن الهبوط الكبير كان في شهر فبراير الماضي، عندما تراجع بشكل كبير ومتتالي حتى وصل ل 15 جنيهاً في البنوك المصرية، الأمر الذي تبعه قلق كبير من المدخرين للعملة الأمريكية، حيث زاد العرض على الجهاز المصرفي تخوفاً من تراجع آخر، ولكن سرعات ما عادت الأمور إلى نصابها مع مطلع شهر مارس، ليعود الدولار سريعاً إلى قيمته الحقيقة مقابل الجنية، ويستقر في حدود 17.7 جنيهاً.
توقعات المحللين الاقتصاديين
يتوقع المحلل الاقتصادي جيسون تورفي، المختص بشؤون الشرق الأوسط، أن تقل قيمة الجنية المصري مع نهاية العام القادم، وأن يرتفع سعر صرف الدولار ل 19 جنيهاً، ومع نهاية عام 2019 ينتظر أن يتخطى 20 جنيهاً، مؤكداً أن استقرار سعر الجنية حالياً يرجع لزيادة تدفق استثمارات رؤوس الأموال المؤقتة.