يشارك اليوم أكثر من خمسة ملايين كردي لهم حق التصويت في استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، وهو استفتاء وصفته حكومة الإقليم بأنه الخيار الديمقراطي للشعب الكردي الذي تعرض للإضطهاد والتهميش والإبادة لعشرات السنين، فيما وصفته الحكومة العراقية بأنه استفتاء غير ملزم ويتنافى مع أحكام ومبادئ الدستور العراقي الذي شارك في إرثاء قواعده الأكراد أنفسهم، وأن مثل هذه الاستفتاءات ما هي إلا لفتح أبوب لتقسيم وتفكيك الدولة فيها بعد على أسس عرقية ودينية والتي من شأنها تأجيج الصراعات مما يزيد من حدة الإضطرابات في منطقة الشرق الأوسط.
يذكر أن إقليم كردستان العراق يتكون من ثلاث محافظات هي السليمانية ودهوك وأربيل ومناطق متنازع عليها كمحافظة كركوك، وقد توجه الناخبون الأكراد بكثافة على صناديق الإقتراع التي توزعت على نحو إثني عشر ألف مركز اقتراع في المحافظات الثلاث.
وقد أوضح مراسلون صحفيون أن سؤال الاستفتاء جاء بالنص التالي:
“هل تريد أن يصبح إقليم كردستان والمناطق الكردستانية خارج الإقليم دولة مستقلة؟” ، وقد تمت كتابته بأربعة لغات، وهي الكردية والعربية والتركية والسريانية، على أن تكون الإجابة عليه بـ نعم أو لا.
وقد صرح مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان العراق في مؤتمر صحفي أمس “أن العراق لم يعد دولة ديمقراطية وإنما أصبح دولة دينية طائفية، وأن هذا الاستفتاء أياً كانت نتيجته فهو لا يعني استقلالاً فوري وإنما هو بداية لإبراز دوراً إقليمياً للأكراد يمكنهم من الدخول في محادثات لحل مشاكلهم العالقة بين الإقليم وبين الحكومة العراقية والتي يأتى على رأسها مشكلة الحدود والنفط”.
تركيا واستفتاء كردستان
من ناحية أخرى صرح مسئولون أتراك أن استفتاء الإقليم الكردستاني لن يحل مشاكله كما يظنون، وإنما يزيدها تفاقماً، وقد طالب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم بضرورة إلغاء هذا الاستفتاء الذي وصفه بـ “غير المشروع”، وأضاف أن تركيا لن تقبل بأي كيان جديد على حدودها، وهو الأمر الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإعلان عن إغلاق قريب للحدود البرية مع إقليم كردستان العراق كما هدد بوقف صادراته النفطية التي تمر عبر الأراضي التركية، وأن الأمر قد يصل إلى فرض حظر جوي وبري على كردستان.
إيران والقضية الكردية
وبالنظر إلى تركيبة المجتمع الإيراني الذي يتشكل من عدة قوميات منها الفرس والأتراك والعرب والأكراد وغيرهم، والتي قد توحدت جميعها بعد الثورة الإيرانية، فقد يخشى مجتمع بهذه التركيبة من مثل هذه الدعوات القومية على حدوده، الأمر الذي قد يحرك الأكراد داخل إيران مما يهدد استقرارها ويثير الكثير من المشاكل، كما أن التجربة نفسها قد تشجع بعض القوميات الأخرى مثل العرب الإيرانيين إلى المطالبة بالإنفصال عن إيران.
اسرائيل وانفصال الإقليم الكردستاني
وعلى صعيد آخر لم يكن غريباً ان يؤيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي إقامة دولة للأكراد، فإنه وتماشياً مع سياسة “فرّق تسد” فإن إقامة دولة كردية على حدود كلاً من تركيا وإيران وسوريا والعراق يمكن اسرائيل من اصطياد في الماء العكر والتي ستستمر بدورها في إقناع الأكراد في الدول الأربعة من الإنضمام إلى دولة كردية قد تتوغل لاحقاً داخل الأراضي التابعة للدول الأربعة الواقعة على حدودها.
وأخيراً فبالرغم من المخاوف الإقليمية والدولية من مصير مجهول في حال استقلال الإقليم، فقد توجه ملايين الأكراد إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم وسط ترقب دولي.