أصدرت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، حكمها اليوم الأربعاء، في القضية التي عرفت بجميع وسائل الإعلام باسم “الرشوي الكبرى بمجلس الدولة “، والمتورط فيها جمال اللبان، مدير إدارة المشتريات بمجلس الدولة واثنين آخرين.
حيث قضت محكمة جنايات القاهرة، بالحكم بالسجن المؤبد لـ “جمال اللبان”، وعزله من وظيفته،ومصادرة مليون و200 ألف جنية من أمواله، كما قضت المحكمة، برفض الدعوى المدنية المقامة من ورثه المستشار شلبي، وإعفاء رباب ومدحت ومحمد أحمد شرف من العقوبة.
اقرا أيضا :
حيثيات الحكم في قضية «الرشوة الكبرى» بمجلس الدولة
قالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الواقعة حسبما استقرت فى يقينها واطمأن إليها وجدانها استخلاصًا من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة حاصلها أن المتهم الأول جمال اللبان، مدير الإدارة العامة للتوريدات، ويتولى عمله هذا بموجب قرار أمين عام مجلس الدولة ويدخل فى اختصاصه الوظيفي الإشراف على تلقى احتياجات إدارة وفروع مجلس الدولة من الأثاث المكتبى والإشراف على تشكيل اللجان الخاصة بالشراء والفحص والاستلام، وذلك على ما هو ثابت بالكتاب الوارد من مجلس الدولة، وآخر توفى هو وائل سعيد أبورواش شلبي، أمين عام مجلس الدولة السابق، الأول تدرج بالوظائف الإدارية بمجلس الدولة إلى أن صار مديرا للإدارة العامة للمشتريات، وأتاه الله بسطة فى الرزق والمال والسلطات، إذ بوأه الله منصبًا رفيعًا فى صرح قضائي كبير لطالما تحدث القائمون عليه ورجال القضاء أنه حصن من حصون الحقوق والحريات تولى وائل شلبي فيه منصب أمينه العام على حداثة عهده بالعمل القضائي بالنسبة لأقرانه، وهو منصب يغبطه عليه من هم دونه درجة بحسب أقدميته، ومن أهم ما يجب أن يتصف به القاضي أن يعدل بين المتخاصمين ولا يقبل رشوة على حكم لقول النبى صلى الله عليه وسلم لعنه الله على الراشي والمرتشي فى الحكم – وألا يقبل هدية ممن لم يكن يهاديه قبل توليته القضاء لقوله عليه الصلاة والسلام من استعملناه على عمل فرزقناه فما اخذه بعد ذلك فهو غلول (غلول يعنى سرقة).
وأكدت المحكمة أنها لم تكن راغبة أبدًا في تناول المتوفى وائل سعيد أبو رواش شلبي، أمين عام مجلس الدولة السابق، وأن يكون ذلك منهاج قضائها فى الدعوى إلا أن الأوراق وواقعات الدعوى أبت إلا أن يكون المتوفى وهو فارسها وقاسمها الأعظم حاضرًا فيها فهو الشريك الأهم والفاعل الأكبر، ورأت المحكمة أن تمسه بذكر مشاركته وقدر أفعاله ودوره فى وقائعها التى دارت رحاها بعلمه وإرادته كونه هو الإمام فى الدعوى، وما كان كل ذلك ليحدث لولا تخليه عن دوره ورقابته وحسن إدارة ومتابعة مرؤوسيه.
وأضافت: “وكان على المتوفى وائل شلبي وهو القاضي والأمين العام أن يخط فى لوح الصرح الذي ينتمى إليه سطرًا ويُثَبِتَ فى بنيان كيانه حجرًا ويترك بفعله الطيب أثرًا يُحدِثُ له بين أقرانه ذكرًا وفخرا وإتمام جميل عمل ينتفع به خلفه، لكنه خرج عن مألوف البواعث وأن ما أتاه المتوفى وائل شلبي والمتهم الأول لبدعة فهى ضلالة، وقد غلب عليهما ولع التبطل وغواية الاستعظام وظنا أنهما فى الحياة حران من قيود النظام والقانون فخرجا عليه وظنا نفسيهما أنهما بالغان فى المتعة بملذات العيش الحظ الأوفر على ألا يقاسما الناس تكاليف العيش ومكابدة الحياة، فهناك نفوس إذا لم تُكبحُ تجمَح وإذا لم ترعو لا تستحى ونفوس تطمع وكان لزاما على المتوفى إزاء ما أنعم الله به عليه أن يسجد لله شاكرًا لنعمته التى حباه إياها وأن يؤدى حق شكر النعمة بواجب حسن أداء العمل وظهور أثر نعمة الله على لسانه ثناءًا وطاعةً، وأن يؤدى عمله بأمانة وصدق وبالحق وبعدل أقسم على أن يؤدى عمله به وعلى أساس منه بيد أنه وبدلًا من ذلك نحى وائل شلبي منحى آخر لا يليق بمقامه ومكانته وبالصرح الذي ينتمى إليه ولا يتفق أبدًا مع ما أؤتمن عليه من أمانة مطلقًا لشيطان نفسه العنان، فعاث فى الصرح وفى الأرض مفسدًا وللأمانة مبددًا ولحرمة الأعراض منتهكًا وأساء إلى حصنه بل وإلى الهيئة التى ينتمى إليها ورمى حصانته وراح هو واللبان يعبثان بالوظيفة العامة ويقدمان ذمتهما قربانًا للشيطان وراحا أيضًا يعبثان بالمال العام بغير حسيب أو رقيب ولما الرقيب ومن أين ووائل شلبي هو الأمين العام، فلا حديث فى هذا الأمر لأحد غيره ولا معقب على ما يقرر فتارة يمنح وتارة يمنع وأخرى يأخذ ذلك من “رباب”، صاحبة مؤسسة السيف للتوريدات، وزوجها المتهم الثالث صاحب مؤسسة الخلود لتوريد الأثاث المكتبى”.
وتابعت: “وحدث أن تعرفت رباب على جمال اللبان وعلى المتوفى وائل شلبي إبان عملها بشركة عُهِدَ إليها توريد أثاث مكتبى لمجلس الدولة وطلب كل منهما إقامة علاقة جنسية معها على سبيل الرشوة، وقبلت هى تلك العلاقة وقامت بمواقعة الاثنين من أجل الإخلال بواجبات وظيفة كل منهما، وأثر ذلك علمت من جمال اللبان عزم المتوفى وائل شلبي ترسية مناقصة لتوريد أثاث مكتبى لمقرى مجلس الدولة بمحافظتى المنيا والبحيرة لصالحها، والمتهم الثالث زوجها، واتفق المتهم الأول مع المتهمة الثانية على أسعار تلك التوريدات، بل ذهب جمال اللبان إلى أبعد من ذلك بأن طلب منها تاسيس شركة لترسية المناقصة عليها فاتفقت “رباب “مع زوجها مدحت عبد الصبور على تغيير اسم ونشاط شركة مملوكة له إلى مؤسسة الخلود للأثاث المكتبى، ثم تلقت المتهمة رباب عقب ذلك اتصالًا هاتفيًا من المتوفى وائل شلبي أخبرها فيه بعزمه إسناد أعمال التوريد لصالحها واستفسر منها عن أسعار التوريدات أخبرته بها كاتفاقها مع جمال اللبان، وطلب منها المتوفى وائل شلبي كرسيين مطرزين بشعار مجلس النواب وطاولة صغيرة لإهدائهما لأمين عام مجلس النواب، وكتعليمات المتهمة الثانية وتكليفها قام الشاهد الثالث بتنفيذ ذلك وإرسالها كطلبها أيضا إلى مجلس النواب”.
واستطردت: “وقدمت المتهمة رباب وزوجها أختامًا ومطبوعات خاصة بشركتهما لجمال اللبان ليتولى إعداد مظروف مالى وآخر فنى لتقديمهما فى مناقصة صورية أجريت وتمت ترسيتها بمعرفة المتهم الأول والمتوفى وائل شلبي على مؤسسة الخلود للأثاث المكتبي ملكها وزوجها المتهم الثالث، ثم بادر المتهم الأول باستصدار شيك لأمر مؤسسة الخلود بمبلغ مليون وستمائة وخمسة وستين ألف جنيه قيمة أمر التوريد قبل أن يتم توريد شيء، حيث قام المتهم الثالث بصرف قيمته من بنك الاستثمار وسلم قيمته للمتهم الأول بواسطة المتهم الرابع، وقام المتهم الأول والمتوفى باحتجاز قيمة الشيك حتى قدمت المتهمة الثانية نفسها رشوة جنسية لكل منهما كطلبهما السابق واتفاقهما بأن بادر كل منهما بمواقعتها مقابل إسناد تلك الأعمال إليها بأسعار تزيد على قيمتها وصرف المستحقات عنها قبل توريدها”.
وقالت: “وإذ هاتفت المتهمة رباب المتوفى الذي طلب لقاءها لتنفيذ طلبه السابق بمواقعتها على سبيل الرشوة، فالتقيا بمعرض بريمير هوم للأثاث بمدينة نصر يوم الأحد، يوم عطلة المعرض، حيث قدمت نفسها وقام بمواقعتها ثم طلب المتهم الأول ذات الطلب أيضا وهو مواقعتها كسابق طلبه واتفاقهما، فالتقته وواقعها أيضا على سبيل الرشوة، وعقب تقديمها الرشوة الجنسية قدما لها مستحقاتها عن أمر التوريد بأن حصلت وزوجها المتهم الثالث من هذه العملية على مبلغ مليون ومائتين ألف جنيه، واستأثر المتهم الأول بباقى قيمة الشيك وقدرها أربعمائة وخمسة وستون ألف جنيه وخمسة منها أربعمائة وخمسون ألف جنيه رشوة متفق عليها للمتهم الأول وللمتوفى، كما استأثر المتهم الأول لنفسه بمبلغ خمسة عشر ألف جنيه وخمسه من قيمة هذا الشيك تنازلت له المتهمة الثانية عن هذا المبلغ بغير اتفاق سابق على سبيل المكافأة اللاحقة”.
وأضافت: “وإذ بادر المتوفى وائل شلبي بدعوة المتهمة رباب إلى لقائه بمكتبه بمقر مجلس الدولة بالعباسية، فحضرت فى موعدها فى وجود المتهمة رباب ووعدها الأخير ومعه المتوفى بإسناد أعمال توريد أثاث لمقر مجلس الدولة بمحافظة سوهاج لصالح المتهمين المتهمين رباب وزوجها ثم أنهى جمال اللبان إجراءات صدور شيك هذه العملية بمبلغ مليون وسبعمائة واثنين وثلاثين ألفا ومائة وخمسين جنيها لصالح شركة الخلود للأثاث على الرغم من عدم توريد المؤسسة لهذه الأعمال المطلوبة من أثاث وذلك بعلم المتوفى وائل شلبي”.