هل المؤامرة هي سبب تأخر الأمة العربية والإسلامية؟! فأصحاب تلك النظرية يرون أن الدول الغربية تحيك المؤامرات ضد الشعوب العربية، وذلك من خلال عدة محاور منها تدمير الثقافة العربية وإبعاد الشعوب عن دينها والقضاء على هويتها من خلال وسائل الاتصال الحديثة وما تبثه من أفكار غريبة.
أما مناهضي تلك النظرية ومن بينهم الدكتور «طارق السويدان»، والذي يستنكر من سيطرة تلك النظرية على عقول الكثير من المعرب والمسلمين، حيث قال خلال تدوينه على حسابه الشخصي عبر فيسبوك، أن أصحاب تلك النظرية يرون أن كل صراع أو اقتتال بين المسلمين بعضهم البعض فورائه مخطط أمريكي أو يهودي لضرب الإسلام، وأن كل تصرف سيء يقوم به المسلمون فقد خطط له أعداؤنا ونحن غافلون، واختتم كلامه بضرورة أن يستيقظ أصحاب تلك النظرية من غفلتهم وضرورة إعمال عقولهم.
وأكد سويدان على ذلك قائلاً:
استغرب من حجم سيطرة نظرية المؤامرة على عقول بعض الشباب
فكل تفجير يقوم به إرهابيون مسلمون ( وليس لدينا نقص منهم ) يتم تفسيره بأن غيرهم قاموا به !
حتى لو تبنت عصابات داعش أو القاعدة قاتلهم الله ﷻ .
حتى التنظيمات الإرهابية نفسها هي مخطط غربي أو صهيوني !!
وقد نسى أصحاب نظرية المؤامرة أو تناسوا أن بيننا متطرفون قد تشربوا المناهج التكفيرية
واستقطعوا النصوص التي تناسبهم ليبرروا إرهابهم !!!وكل حدث يحدث في الدنيا له ارتباط بالمسلمين فهو بنظر أصحاب نظرية المؤامرة مخطط من قبل أعداء الإسلام لضرب المسلمين !!!!
وكل صراع أو خلاف أو قتال يحدث بين المسلمين أنفسهم لأي سبب ، فوراءه مخطط أمريكي أو يهودي ، ونحن فقط مضحوك علينا !!!
وكل تصرف سيّء يعمله المسلمون
( وما أكثر مشاكلنا الحقيقية بيننا )
فقد خطط له أعداؤنا ونحن فقط ننفذ المسرحية كمغفلين !!!!هناك قانون علمي اسمه
Occam’s Razor
وخلاصته أن أفضل تفسير لأي حدث هو
( أبسط تفسير )
وليس التفسيرات المعقدةاستيقظوا يا أصحاب نظرية واستعملوا عقولكم وأوقفوا هذه المهزلة !
وأضاف السويدان قائلاً:
أذهلني حجم التغريدات المؤيدة لنظرية المؤامرة مما يدل على أن أمامنا جهد كبير لإصلاح الفكر
ركزوا معي وفكروا بعقول مفتوحة دون الإصرار على رأي مبني على الانطباعات من فضلكم :
١- طبعاً أعداء الأمة يخططون لكنهم بالتأكيد لن يستطيعوا التخطيط لكل شيء ، وبالتالي نستطيع أن نلغي بذلك ثلاثة أرباع نظرية المؤامرة
٢- وطبعاً سيحاولون تنفيذ مخططاتهم ، لكنهم بالتأكيد لن يتقنوا التنفيذ تماماً ، وبالتالي نكون ألغينا جزءاً آخر من نظرية المؤامرة
٣- هذا إذا تم تخطيطهم وتنفيذهم دون مقاومة من أحد ، لكن أعداءنا مصالحهم متضاربة كثيراً وبالتالي سيؤثر ذلك على تحقيق ما يريدون
٤- نظرية المؤامرة تفترض كذلك أن جميع حكام العرب والمسلمين هم دمى في مسرحية نظرية المؤامرة ، وأنهم ليس لهم رأي ولا إرادة ، وهذا غير صحيح ، والتاريخ القديم والحديث أثبت كثيراً تصادم مصالحهم مع أمريكا فاتجهوا الى روسيا والصين مثلاً ( إلا إذا كان ذلك جزءاً كذلك من نظرية المؤامرة المتقنة تماماً !!!!! )
٥- أيضاً تفترض نظرية المؤامرة أن الحركات الإرهابية هي صنيعة غربية أو صهيونية أو إيرانية أو خليجية ( على شدة التناقضات في ذلك ) ، ورغم اقراري بأن هذه التنظيمات مخترقة في الغالب ، إلا أني لا أؤمن بأنها صنيعة في أيديهم ، تنفذ الأوامر ، وتفقد عشرات الألوف من دماء الشباب ، فقط من أجل تنفيذ نظرية المؤامرة التي لا مصلحة لهم في تنفيذها !!
٦- وطبعاً توجد مصالح متداخلة ، فمعروف التعاون الذي تم بين داعش وفلول حزب البعث مما أدى إلى دخول داعش مساحات كبيرة من العراق بسرعة مذهلة ، في خيانة عسكرية واضحة ، تعالت بالشكوى منها الحكومة العراقية ، والكثير من الأصوات العراقية الواعية .
لكن ذلك لم يستمر حيث كان التعاون مبنياً على المصالح بين داعش والبعث !!! فلما تصادمت المصالح والمبادئ حدث الانفكاك بينهما .
وهذا أمر السياسة وليس نظرية المؤامرة التي لا يمكنها تفسير كل شيء.٧- نظرية المؤامرة فيها خلل كبير حيث تقول مثلاً أن داعش صنيعة أمريكية مثلاً ، ثم تتعالى الأصوات من نفس الناس بشجب ضرب التحالف لقرى داعش ، فلماذا يضربونهم إن كانوا صنيعتهم ؟!! فعندها يبدأ البحث عن تفسيرات سرية لا يعلمها إلا أصحاب نظرية المؤامرة !!!
٨- وما زال في الجعبة الكثير لكني أختم بهذا الأمر :
لنفترض أن هناك نظرية المؤامرة فماذا سيحقق نشرها بين شباب الأمة سوى الدعوة لليأس ، حيث أن حجم المؤامرة كبير ومتقن في ظنهم فلا يمكن مواجهته ، أليس كذلك ؟!الأولى من ذلك أن نقول هم يخططون وينفذون لكن لا يجري كل شيء حسب هواهم ، وواجبنا أن نخطط ، وننفذ ، ونعمل بأعلى أدوات التخطيط والتنفيذ ، ولدينا معادلات التوفيق الإلهي والبركة والاخلاص والإلهام التي ليست عندهم ، وعندها سيغلب تخطيطها وعملنا نظرية المؤامرة !
” وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ
إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا “.