ذكر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط من خلال تقرير له، أن تصعيد الأمير “محمد بن سلمان” لولاية العهد بالمملكة العربية السعودية جاء بخطى سريعة، مشيرا إلى أن ولي العهد ربما يتولى مقاليد الحكم في المملكة خلال أيام.
وأكد التقرير الذي أعده “سايمون هندرسون” الخبير في الشئون الخليجية، تحت عنوان “سياسة القصر السعودي تأخذ مجراها بخطى حاسمة”، أن الملك الفعلي في المملكة السعودية هو الأمير “محمد بن سلمان” البالغ من العمر 31 عاما، ولا ينقصه إلى المسمى الملكي، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يتقلد العرش في غضون أيام.
واستعان “هندرسون” بدليل على صحة المعلومات التي ذكرها في تقريره، من صحيفة “وول ستريت جورنال” التي قالت في أحد أعدادها، أنه تم تسجيل شريط فيديو في الأسابيع الأخيرة، قال فيه خادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان بن عبد العزيز”، أنه قد حان الوقت لكي يصبح “محمد بن سلمان” ملكا.
وأشار الخبير في الشئون الخليجية، إلى أنه من الممكن أن يتنازل العاهل السعودي عن العرش لنجله وولي عهده الأمير “محمد بن سلمان”، وباستثناء ذلك فإن هناك بعض الخطوات المقبلة التي ستتم في الوقت القريب لتصعيد ولي العهد، وهي أن يقوم الملك “سلمان” بتعين نجله رئيسا للوزراء.
وأضاف “هندرسون” أنه من الخطوات التصعيدية أيضا، إقالة وزير الحرس الوطني “متعب بن عبد الله”، لاستيعاب الحرس الوطني في الجيش السعودي تحت قيادة “محمد بن سلمان”، الذي يشغل منصب وزير الدفاع لضمان عدم قيام انقلاب عسكري على الأسرة الحاكمة.
نص تقرير معهد واشنطن “سياسة القصر السعودي تأخذ مجراها بخطى حاسمة”
تجد القيادة السعودية نفسها في خضم تغيير جذري وربما متنازع عليه. فولي عهد المملكة – التي هي أكبر مصدر للنفط في العالم والتي تروّج لنفسها بأنها زعيمة العالم الإسلامي والعالم العربي – الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 31 عاماً، والذي هو ملك بالفعل في كل شيء ولكن ليس في الاسم، يمكن أن يتولى العرش قريباً، ربما في غضون أيام. فقد ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أنه تم تسجيل شريط فيديو في الأسابيع الأخيرة يقول فيه العاهل السعودي أن الوقت قد حان لكي يصبح محمد بن سلمان ملكاً. ويمكن استخدام مثل هذا الإعلان، وفقاً لـ “من هم على دراية بالبلاط الملكي”، عند وفاة الملك أو عند تنازله علناً عن العرش. ونُقل عن مسؤول في البلاط الملكي لم يُذكر اسمه قوله، “إن صحة الملك ممتازة …” ولكنه أضاف، “إن أي دولة تتخلى عن زعيمها فى أيامه الأخيرة بسبب حالة صحية خطرة هي دولة لا تتمتع بالكرامة والاعتبار.”
منذ عام 1964، تم خلع ملك سعودي واحد من قبل بقية العائلة المالكة، واغتيل آخر من قبل ابن أخيه، ولكن معظمهم ماتوا لأسباب طبيعية، وعادة نتيجة الشيخوخة. إن التنازل عن العرش سيكون أمراً جديداً، على الرغم من أنه مسموح به وفقاً للقانون السعودي لأسباب طبية. وعلى الرغم من ادعاءات المسؤول في البلاط الملكي، إلّا أنّ الملك سلمان، الذي يبلغ من العمر واحد وثمانين هذا العام، غالباً ما يبدو مرتبكاً ويتمتع بفترة انتباه قصيرة. كما يتاح له تكرار نفس القصص للزوار، ويحتاج إلى شاشة حاسوب لحثه على النقاط التي عليه تناولها في حواره. وعندما زار واشنطن آخر مرة، جلب الوفد المرافق له بالفعل أثاثه الخاص، لكي يجعل جناحه الفندقي يبدو مألوفاً.
ويحدد كبار المسؤولين البريطانيين والأمريكيين تاريخ هذا التدهور قبل أن يصبح سلمان ملكاً في عام 2015، ويشيرون إلى أنه حتى في ذلك الحين لم يعد صانع القرار النهائي. ولم تمنع الحالة الصحية لسلمان من أن يصبح ملكاً وربما يعود ذلك إلى أمل الملك الراحل عبد الله في أن يحل أخ آخر غير شقيق له، مقرن، الذي كان آنذاك ولياً لولي العهد، محل سلمان كولياً للعهد. [وفي هذه الحالة] كان مقرن سيقوم بدور الوكيل المسؤول إلى حين تمكّن نجل عبدالله، الأمير متعب، الذي كان في ذلك الحين وما زال وزيراً للحرس الوطني، من تولّي المنصب. إلا أن هذا التدبير لم يسر وفقاً للمخطط عندما أقال سلمان الأمير مقرن بعد ثلاثة أشهر من توليه عرش المملكة.
إن الدوافع الأثيمة لمؤامرة القصر السعودي واضحة من التقارير التي نشرتها صحيفتي “وول ستريت جورنال” و “نيويورك تايمز” عن إبعاد محمد بن نايف من منصب ولي العهد في حزيران/يونيو، وهي الخطوة التي كان فيها محمد بن سلمان القوة الدافعة. وقد تم فصل محمد بن نايف عن حراسه الشخصيين ومستشاريه المقربين، وجُرّد من هواتفه الخلوية، وحُرّم من تناول دواء السكري الذي يحتاجه إلى حين تنازله عن منصبه، وتم تصويره بالفيديو وهو يقسم بالولاء لمحمد بن سلمان. إن ولي العهد المخلوع محتجز حالياً في قصره في جدة، تحت حراسة رجال موالين لمحمد بن سلمان. وأحد التفسيرات لتوقيت الإقالة هو أن محمد بن نايف كان يُعرف بمعارضته للسياسة السعودية الحالية تجاه قطر، إلا أن بعض التقارير قد أفادت بأن التبرير الظاهر هو صحته. وهنا، تكهن البعض بأنه مدمن على الوصفات الطبية لمسكنات الألم وغيرها من المواد [الوقائية] . ويقول الناس الذين التقوا به بأنه يُظهر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة، وربما كان ذلك نتيجة لحادث اقترابه من الموت في عام 2009 عندما فجر انتحاري نفسه على بعد بضعة أقدام.
وقد أثار الكشف عن الزوال السياسي لمحمد بن نايف، الذي يبدو أن الكثير منه سُرّب عمداً من قبل مؤيديه، بعض التكهنات عن قوة المعارضة لمحمد بن سلمان داخل العائلة المالكة. وأظهر شريط فيديو حديث عن عمه الأمير أحمد، الأخ الشقيق والأصغر سناً للملك، غرفة استقبال لا يوجد فيها سوى صورتين معروضتين – للملك عبد عبد العزيز (ابن سعود) مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، والملك سلمان . وفي زلل كبير من البروتوكول، لم تكن هناك صورة لولي العهد محمد بن سلمان. وأظهر الفيديو أن وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبد الله كان من بين عدة أمراء في الغرفة.
وعلى المدى القريب، فباستثناء التنازل عن العرش، يمكن أن يعيّن الملك نجله محمد بن سلمان رئيساً للوزراء – وهو حالياً نائب رئيس الوزراء. ومن المحتمل أيضاً أن تتم إقالة متعب بن عبد الله، ربما من خلال استيعاب الحرس الوطني في الجيش السعودي الرئيسي، الذي هو حالياً تحت إمرة محمد بن سلمان، الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع. وستكون كلتيهما خطوتان هامتان حيث تتحدى هذه الأخيرة استقلالية الحرس الوطني، الذي يحمي بشكل استثنائي الأسرة المالكة من انقلاب عسكري ولكن يعمل أيضاً كنظام للرعاية الاجتماعية للقبائل الريفية السعودية.
وما هو واضح هو استمرار الصعود البالغ السرعة لمحمد بن سلمان، الذي كان حتى الآن بلا رادع. وبينما يواجه ولي العهد السعودي تحديات الحرب في اليمن، والأزمة مع قطر، والمنافسة الإقليمية مع إيران، وخطته الاقتصادية الطموحة «الرؤية 2030» الرامية إلى تحويل اقتصاد المملكة، فإنه يكسر الجمود أيضاً حول الكيفية التي تنظّم فيها أسرة آل سعود إجراءات الخلافة. وفي هذا الصدد، يراقب الشعب السعودي وصناع القرار في جميع أنحاء العالم تقدمه باهتمام بالغ.