أقر البرلمان المصري اليوم الثلاثاء فرض حالة الطوارئ على جميع أراضي الجمهورية، لمدة 3 أشهر قابلة للتجديد مرة مماثلة، بعد نحو 42 شهرا من إلغائها، والتي طبقت لمدة نصف قرن في عهد الجمهورية المصرية.
عقب التفجيرين الدمويين الذين حصلا منذ أيام في مدينتي الاسكندرية وطنطا، حيث نفذ انتحاريين هجوما على كنيسة مارجرجس بطنطا، والكنيسة المرقسية في الاسكندرية، واللذين أسفرا عن استشهاد وأصابة العشرات من المواطنين الأبرياء، ومن بينهم أطفال ونساء، قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي فرض حالة الطوارئ على جميع محافظات البلاد، والتي يخضع فرضها لإجراءات وفق أحكام الدستور، فتتم بقرار من رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأي الحكومة وتحدد وقت سريانه، ثم عرضه على البرلمان لإقراره بغالبية أعضائه للمرة الأولى( 50+1)، ويمكن التمديد لمرات أخرى مماثلة، بموافقة ثلثي أعضاء مجلس الشعب، بحسب الأكاديمي المصري جمال جبريل المتخصص في القانون الدستوري، وقد أقره البرلمان عصر اليوم الثلاثاء 11-4-2017، ودخل حيز التنفيذ.
وافق البرلمان المصري اليوم الثلاثاء 4-7-2017 على تمديد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر أخرى، وكانت الموافقة بأغلبية الأعضاء، وتمتد لغاية العاشر من شهر أكتوبر المقبل، وبموجب خالة الطوارئ تمنح الحكومة كافة الصلاحيات اللازمة لمحاربة الجماعات الإرهابية، والتنظيمات المتطرفة.
تاريخ الطوارئ في مصر ما بعد النظام الملكي” التحول إلى النظام الجمهوري”:
تطبيق حالة الطوارئ بشكل كامل:
منذ إعلان الجمهورية في عام 1953 طبقت حالة الطوارئ بشكل كلي على جميع أراضي البلاد أربع مراتلأسباب تنوعت بين الحرب واغتيال رئيس وتفجيرات ارهابية وكانت على النحو التالي:
- في عام 1967 وهو العام الذي عُرف بعام النكسة، حيث أعلن الرئيس الراحل حمال عبد الناصر ( الذي حكم البلاد منذ عام 1956 وحتى 1970 )، حالة الطوارئ للمرة الأولى في أعقاب العدوان الإسرائيلي واحتلال سيناء في 5 يونيو 1967.
- في عهد الرئيس الراحل أنور السادات ( الذي حكم منذ عام 1970 وحتى 1981)، استمر في العمل بحالة الطوارئ إلى مايو عام 1980، حيث قام بإلغائه تحت ضغوط سياسية.
- عقب اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات في 6 أكتوبر عام 1981، أعلنت السلطات المصرية إعلان حالة الطوارئ مجددا، واستمرت في عهد خلفه الرئيس الأسبق حسني مبارك، منذ عام 1981 وحتى 2011، تحت اسباب عديدة منها مواجهة الإرهاب، وجرت محاولات عدة للضغط بإلغائها ولكن لم تفلح جميعها، في أعقاب إطاحة ثورة يناير 2011 بحكم مبارك، أوقف المجلس العسكري الذي تسلم مقاليد الحكم في الفترة الإنتقالية، حالة الطوارئ نهائيا في 31 مايو 2012.
- وعقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في القاهرة في 14 أغسطس 2013، أعلن الرئيس المؤقت عدلي منصور إعادة العمل بحالة الطوارئ لمدة شهر واحد في أنحاء البلاد ، وجرى تمديدها لمدة شهرين لتنتهي في نوفمبر من العام ذاته.
- في يوم الأحد الماضي وقع عملين إرهابيين نفذهما انتحاريين في هجومين الاول على كنيسة مارجرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الاسكندرية، ونجم عنهما عشرات الضحايا بين شهداء ومصابين، تبناهما التنظيم الإرهابي ” داعش”، مما قرر الرئيس السيسي تطبيق قانون حالة الطوارئ للمرة الأولى على كامل اراضي الجمهورية.
التطبيق الجزئي لحالة الطوارئ
طبقت حالة الطوارئ بشكل جزئي على حيز جغرافي محدد مرتين فقط:
- الاولى أعلنها الرئيس محمد مرسي المخلوع في يناير 2013، ولمدة شهر واحد فقط شملت ثلاث محافظات وهي المطلة على قناة السويس( من الجنوب لشمال السويس والاسماعيلية وبور سعيد)، بسبب وقوع أحداث شغب.
- الثانية أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبشكل جزئي في محافظة شمال سيناء، في أعقاب الهجوم الإرهابي المزدوج، والذي نجم عنه استشهاد اكثر من 30 جنديا في تلك المحافظة، ومُددت حالة الطوارئ منذ ذلك الحين كل 3 أشهر، ومستمرة حتى الآن، وكان آخر تمديد في شهر يناير الماضي.
الصلاحيات والسلطات الممنوحة بموجب فرض حالة الطوارئ:
بحسب تصريحات صحفية للاكاديمي جمال جبريل، فإنه بمجرد سريان حالة الطوارئ، تُمنح السلطات صلاحيات استثنائية يسمح بها القانون من ضمنها الاعتقال الإداري” توقيف بدون إذن قضائي والمدة غير محددة”، قبل الغائها بحكم من المحكمة الدستورية في يونيو 2013، ووفق قانون الطوارئ المؤلف من 20 مادة يمنح السلطات بمراقبة الصحف ووسائل التواصل، والمصادرة، وتوسيع صلاحيات الجيش والشرطة، والتي تشمل فرض الإجراءات التأمينية والتفتيش، والإحالة لمحاكم استثنائية، وإخلاء مناطق، وفرض حظر تجوال في مناطق أخرى، وسحب تراخيص الأسلحة وفرض الحراسة القضائية.
وقد قال رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال في كلمة القاها في البرلمان بأن حالة الطوارئ تسمح للسلطات بمراقبة فيسبوك ويوتيوب وغيرهما من المواقع لم يحددها، والتي تُستخدم من قبل الإرهابيين في التواصل فيما بينهم.
وقال أشرف سلطان المتحدث الرسمي باسم الحكومة في تصريحات على قنوات التلفزة بالأمس: “إن هناك إجراءات ستسري مرتبطة بتشديدات أمنية، وفرض سيطرة وحماية المنشآت والممتلكات بالتنسيق بين الجيش والشرطة”.
فرض حالة الطوارئ بين مؤيد ومعارض:
فور الإعلان عن فرض حالة الطوارئ برزت آراء متباينة بين مؤيد لها ومعارض لتطبيقها، فمن جهته قال عزت غنيم مدير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات ( منظمة غير حكومية مقرها القاهرة) في تصريحات صحفية بأن حالة الطوارئ: “ستمسّ حريات المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني والإعلام , أما الارهابيون الفعليون أو المحتملون هناك قوانين مصرية كفيلة إجرائيا بالتعامل معهم بدلا من ذلك”.
وأضاف: “كل ما ينص عليه قانون الطوارئ من إجراءات تنفذ فعليا في الواقع بالمخالفة للدستور والقوانين الحالية مثل الاحتجاز مفتوح المدة، والاختفاء القسري، فضلا عن تقييد الحريات”.
ومن جانب آخر على النقيض، أكد علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب في تصريحات صحفية أمس الاثنين: “أن حالة الطوارئ ستحفظ حقوق الإنسان واستقرار الأوضاع في البلاد ومواجهة الإرهاب”، مشيرا إلى أن دولا غربية منها فرنسا، أعلنت حالة الطوارئ بسبب تعرضها لأكثر من هجوم إرهابي مؤخرا .
ومن الناحية الاقتصادية تباينت الآراء حول تداعيات فرض حالة الطوارئ، فبعض الخبراء يرى أن لها آثار سلبية على حركة السياحة، ومن المتوقع أن تؤدي إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، في حين يرى آخرون أن هذه الخطوة، سوف توفر الأمن الذي يدعم حركة السياحة، قياسا على أن السياحة لم تتأثر في عهد مبارك، وقد كانت الطوارئ مفروضة طوال فترة حكمه.
العسكر في الشوارع والمكيفات هل هذه مهمة الجيوش؟