عقب الارتفاعات المتتالية في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصرية، وما يشهده من تأثير على أسعار السلع والخدمات في السوق المصرية، مما يؤثر بشكل كبير على المواطن المصري، وخاصة الطبقة الصغيرة والمتوسطة التي عانت كثيرًا نتيجة ارتفاع أسعار صرف العملات مقابل الجنيه المصري.
وشهدت أسعار صرف الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا عقب الاستقرار الذي شهده لمدة أكثر من 90 يومًا ليصل إلى أكثر من 18 جنيهًا في البنوك الحكومية والخاصة، وذلك مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك وكثرة الطلب على العملة الأجنبية لتلبية احتياجات الاستيراد للشهر الكريم، بالإضافة إلى موسم العمرة.
ويتوقع عدد من خبراء الاقتصاد أن يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي ارتفاعات جديدة في البنوك بالإضافة إلى عودة السوق السوداء من جديد نظرًا لأن البنوك لا تلبي ولا تفي باحتياجات المستوردين من العملة الأجنبية.
من جانبه قال الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدرسات الاقتصادية إنه من المتوقع أن يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي ارتفاعات في السوق المحلية وذلك مع اقتراب شهر رمضان المبارك ولكن لن يصل إلى 25 جنيهًا خلال العام الجاري، مرجحًا أن يكسر حاجز الـ 20 جنيهًا بقليل.
وقال الخبير الاقتصادي هاني توفيق، في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إن الأسباب الحقيقية لارتفاع سعر الدولار مرة أخرى، بعد انخفاضه خلال الفترة الماضية ترجع إلى دخول الأجانب الشهر الماضي بعدة مليارات من الدولارات، تم بيعها للبنك المركزي بحوالي ١٨ جنيهًا للدولار، واشتروا بالقيمة أذون خزانة بالجنيه المصري».
وأضاف قائلًا: «اعتبر المركزي هذه الدولارات بتاعته فعلًا، ونسي أنها أموال ساخنة تجوب العالم بحثًا عن فرص الربح السريع، واستخدم الحصيلة الدولارية لخفض سعر الدولار بالبنوك، وكما هو متوقع، باع معظم الأجانب أذون الخزانة واشتروا دولاراتهم مرة أخرى من المركزي بهذا السعر المنخفض، محققين أرباحاً قدرها 12.5% على دولاراتهم في أسبوعين فقط (يحتاجون ٦ سنوات في بلادهم ليحققوا هذا العائد)».
وتابع: «توقف نسبيًا دخول الأجانب في العطاءات التالية، كما هو متوقع أيضًا، فتوقف تدفق الدولارات الساخنة من الخارج، وارتفع الدولار اليوم لـ ١٨ جنيه، والسؤال للمركزي إن كان هناك من يستمع.. هل سيركب الأجانب المرجيحة دى تاني على حسابنا، أم سنستخدم الدولارات هذه المرة برشد وتعقل ورؤية اقتصادية أكثر ونحافظ على استقرار قيمة الجنيه، بدلاً من التحرك بحدة على منحنى السعر، سواء هبوطًا أو صعودًا؟».
وتشير توقعات بنك استثمار بلتون فاينانشال، خلال تقريره السنوي، إلى تراجع سعر صرف الدولار بنهاية العام المالي الجاري إلى 15.5 جنيه، إلا أنه سيعود للارتفاع مجددًا ليصل إلى 18.5 جنيه في 2017-2018 ثم إلى 21 جنيهًا في العام المالي 2018-2019.
وأدى تحرير سعر الصرف إلى انخفاض قيمة الجنيه بواقع النصف تقريبًا ليصل الدولار إلى قرابة 20 جنيهًا بحلول ديسمبر، لكن الجنيه ارتفع منتصف فبراير الماضي ليبلغ ما يقل قليلًا عن 16 جنيها للدولار في ضوء تراجع الطلب على الدولار من أجل الاستيراد.
وتوقع بنك «إتش إس بي سي» HSCB انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، لتسجل العملة الخضراء نحو 18 جنيهًا بنهاية العام المالي الحالي 2016/2017 بشهر يونيو المقبل، على أن يكون متوسط سعر العملة الأجنبية خلال العام المالي الحالي 15.96 جنيهًا مصريًا.
وأضاف «البنك» أنه من الصعب تحديد القيمة العادلة للجنيه المصري لحاجة السوق للتكيف مع النظام الجديد بعد سنوات من الاختلال وأكد على عدم وضوع رؤية للنمو أو التضخم.
من جانبه قال ضياء الناروز، الخبير الاقتصادي، ونائب مدير مركز صالح كامل الاقتصادي، إن الدولار الأمريكي لن يتجاوز الـ 20 جنيهًا، لأن البنك المركزي هو المتحكم في سعر الدولار الآن، ولن يسمح بتجاوزه الـ20 جنيهًا، موضحًا أن عودة السوق السوداء مرة أخرى، أمر غير مقلق لأنها أصبحت الآن تتأثر بالبنوك، وفي حال ارتفاع سعر الدولار في البنوك بأي شكل من الأشكال، فإن السوق السوداء لن تتخطى هذا الارتفاع بكثير.
من جهته توقع أحمد خزيم الخبير الاقتصادي أن يرتفع سعر صرف الدولار الأمريكي ليصل إلى 25 جنيهًا أو أكثر خلال العام الجاري 2017، مشيرًا إلى أنه في ظل غياب الخطوات التي يجب اتخاذها في مثل هذه الظروف، سيستمر الارتفاع، مشيرًا إلى أنه في ظل غياب فريق إدارة الأزمة، وعدم اتخاذ أي خطوات وسرعة إصدار التشريعات الخاصة بتبسيط الإجراءات للمنشآت سواء الصناعية أو الزراعية، وكذلك زيادة الطلب على الاستيراد لعدم وجود بديل مصري، سيستمر ارتفاع الدولار وهبوط الجنيه.
وقال الدكتور فخري الفقي، نائب رئيس صندوق النقد الدولي سابقا، إن الارتفاع الحالي لسعر الدوﻻر أمر طبيعي إلا أنه لن يستطيع الوصول إلى مستوى الـ 20 جنيها كما كان سابقا، لافتًا إلى أن هناك عدة عوامل ساعدت الجنيه المصري في اﻻنتعاش والقدرة على المنافسة أمام الدوﻻر، يأتي في مقدمتها زيادة اﻻستثمار الأجنبي وتحويلات المصريين في الخارج.
وأضاف الفقي أن الاستيراد هو السبب الوحيد المحتمل أن يساهم في صعود الدوﻻر بنسبة بسيطة جدا في الفترة المقبلة، مرجعا ذلك إلى قدوم المناسبات وخاصة اقتراب شهر رمضان، الذي يساهم في الحاجة إلى استيراد كميات كبيرة من المواد الغذائية ومواد الزينة.
وكان وزير المالية، عمرو الجارحي، قد أعلن أن سعر الدولار الجمركى سيرتفع إلى 17 جنيهًا، اعتبارًا من الخميس 16-3-2017، ولمدة أسبوعين مقارنة مع 15.75 جنيه سعره السابق، وتابع: “سيبدأ العمل بالسعر الجديد للدولار الجمركى عند 17 جنيها اعتبارا من الخميس وحتى نهاية مارس تماشيا مع أسعار صرف العملة فى البنوك”، بحسب «رويترز».
والدولار الجمركي هو ما يدفعه المستورد من رسوم بالعملة المحلية بما يوازى الرسوم الدولارية المفروضة عليه نظير الإفراج عن البضاعة المستوردة والمحتجزة فى الجمارك، وخفضت الحكومة سعر الدولار الجمركي في أول مارس إلى 15.75 جنيه من 16 جنيها، وهو ما تسبب في تراجع أسعار بعض السلع في السوق المحلية وكاد المواطنون أن يشعورا بهذا التراجع لولا عودة سعر الصرف إلى الارتفاع من جديد.