داوم بحثنا عنه كثيرا، ولم نجده إلا بعيدا من الزمان، وجدناه يجلس أسفل شجرة الزيتون في وسط من الجو اللافح، ينتظر نهاية اليوم، ليأخذ ماهيته، ماهيته التي يعود بها إلى أبيه القعيد وإخوته الأربعة، التي تقدر ب 10 جنيهات، نظرات عيونه تحمل ملايين من الكلمات التي تجرح القلب، أبكت الملايين، وحرارة الشمس جعلت وجه تشبه سواد الليل، بل أكثر من ذلك، إنه الطفل الذي حُرِم من رفقة أمه وهو في سن صغير، لا يتجاوز العشرة أعوام، بل اصبح لا يخشى النيران وطلقات الرصاص.
إنه أسامة احمد حماد، طالب الصف الخامس الابتدائي، بمدرسة الشاطئ بالشيخ زويد، عبارة من ست كلمات فقط أبكت آلاف الناس، كلمات جارحة، بمثابة مخالب النمر، إنها عبارة “أمي ماتت ومات معها كل شئ”، بل تكاد تلك الكلمات المريرة تحمل معاني كثيرة، والتي كتبها في كراسة إجابة اللغة العربية.
ذلك الطفل الذي حُرِم من معنى كلمة الأم، كانت تأخذه والدته يوميا إلى المدرسة، يقطعان مسافة تقرب الـ 7 كيلومترات، بينما يرجع بمفرده في نهاية اليوم الدراسي، نظرا لانشغالها بأمور إخوته، ماتت الأم بعد مرض شديد، أسامة هو الرجل الصغير، أصبح مسؤولا عن والده القعيد وأخوته الأربعة، قرر محافظ شمال سيناء تكريمه، وعندما ذهبوا لمنزله لم يجدوه، بحثوا عنه كثيرا، وجدوه يعمل في الحقل، يعمل باليومية، ورفض التكريم؛ حتى لا يفقد اليومية قدرها 10 جنيهات لإطعام أسرته.
تركناه مع زملائه يواصل عمله دون أن نسأله عن والدته، ونصحنا أحد زملاؤه يقول: “في حالة حد ييكلمه عن أمه بيعيط”، فعلمت أنه إذا ذابت الكمات في فمي خيرا من سؤاله، لعله ينسى الحزن الذي يدور بداخله.
شكرا لك علي هذا التقرير الشامل القصير جدا، المفيد جدا، البليغ جدا، والمؤثر جدا جدا. فلعلك بذهابك الي سيناء وكتابة هذا التقرير المفيد – ربنا يجعله في ميزان حسناتك – تحوش عنا القنوات التليفزيونيه التي تهتم بمنتهي التفاهات وتحضر مثلا اطفال شتي لكي يغنو امام مطربين معروفين ويصورهم التليفزيون – الهايف – وبالتالي يتربي في مخيلة الاطفال ان اهم شيء في حياتهم انهم يتعلموا الغناء. برامج اهيف من الهيافة ولا تصلح الا الي الزبالة اما هذا التقرير فحقيقة تاثرنا به جدا وياريت يكون فيه طريقه اساعد او نساعد هذا الطفل وامثاله ولا نملك له الان سوي الدعاء.