لا تتعجب من العنوان فـ “ضحايا قناة السويس الجديدة” هو الإسم الذي أطلقه سكان قرية الأبطال التي تتبع مركز القنطرة شرق الإسماعيلية على أنفسهم بعد أن تقرر هدم منازلهم ومحو قريتهم بالكامل لحفر قناة السويس الجديدة التي يتطلب شقها تخليهم عن منازلهم وأراضيهم.
البعض منهم يقول أنه وماله وأرضه فداءاً لمصر وللمشروع الجديد ولكنهم طالبوا في الوقت ذاته بتعويضات مادية عن منازلهم وأراضيهم وممتلكاتهم التي سيتخلون عنها وحتى يستطيعوا إستكمال حياتهم من جديد في مكان آخر.
يقول أحد سكان القرية ويدعى رمضان جودة “إحنا عايشين هنا من اكتر من 30 سنة وخدنا الأرض دي جبل وحولناها لأرض زراعية على مساحة 3 فدادين وزرعناها مانجا”، وأضاف جودة “تاني يوم بعد خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي نزلت اللودرات والجرارات على الأراضي المزروعة وبدأت تحفر دون سابق إنذار”.
وتابع جودة “المسئولون عن عمليات الحفر لم يقولوا لنا أنهم سيعوضوننا عن أراضينا أو منازلنا بل أخرجوا لنا مجموعة من الخرائط والوثائق التي تؤكد بأن تلك الأراضي جميعها ملكاً لهيءة قناة السويس وأننا قمنا بالتعدي عليها عن طريق وضع اليد، لكننا في الحقيقة لدينا أوراق ومستندات تفيد بحصولنا على حيازة زراعية لتلك الأراضي”.
ويتابع جودة حديثه “الحكومة لما عمرنا الأرض دي وصلت لنا المرافق وسمحوا لنا بالتواجد فيها 20 و 30 سنة ودلوقتي جايين يقولوا لنا إننا حاطين يدنا عليها” مؤكداً أنه يمتلك فواتير المياه والكهرباء والهاتف والتي تثبت إعتراف الدولة بهم كسكان لتلك الأراضي التي دونت كعنوان لهم على تلك الفواتير، وإختتم جودة كلماته بأن بيته الذي ظل يدخر 100 ألف جنيه لبناءه وأتم بناءه مؤخراً سيكون مصيره الهدم تحت جرافات مشروع قناة السويس الجديدة.
ويقول شخص آخر من سكان القرية ويدعى محمد سليم أنه وأسرته يعيشون في تلك القرية منذ 15عاماً، وأن القرية بها ثلاثة مراكز رئيسية هي الإرسال والارسال الرئيسي وعزبة ابو خوص وتحتوي كل من تلك المناطق على ما لا يقل عن 500 أسرة.
ويقول أحد شباب قرية الأبطال ويدعى حسين محمد أنه ومجموعة من الشباب قاموا بمقابلة قائد المعسكر الذي يتمركز أمام مسجد الرحمة، وأخبروه بأن الدولة كان يجب عليها على الأقل إنذارهم قبل أن يتم البدء في عمليات الحفر وهدم المنازل، فوعدنا في بحث الأمر وفي التوقيت ذاته أزالت أحد جرافات المشروع منزل أحد السكان بالكامل.
ويروي مازن محمد المهدي قصته وهو يمسك بأطراف الصندوق الخلفي لسيارة نقل وضع بداخلها ما إستطاع أن يجمع من أثاث منزله الذي هدم قائلا “أنا من الإسماعيلية في الأساس بس جيت وعشت هنا أكتر من 15 سنة، لغاية ما فوجئت بالجرافات بتاعت المشروع دخلت عليا البيت وشالته باللي فيه، فشلت اللي بقي من العفش وإتحركت من غير ما أعرف هعمل إيه ولا هروح فين”.
ويقول محمد المهدي المتزوج منذ 9 أشهر فقط أنه منصاع تماماً لأمر الجيش بشق القناة الجديدة، مشيراً إلى أن والده برفقة مجموعة من الفلاحين قد جائوا إلى هذه الأرض وحولوها من جبل صحراوي إلى أرض زراعية بدأت تعطي أشجار المانجو المزروعة بها إنتاجاً بعد فترة إنتظار 6 سنوات، وتريد الحكومة الآن تهجيرهم منها.
ويتابع المهدي “أنا عايز أوضح إن إحنا كلنا هنا مع (السيسي) ونبيع هدومنا عشان مصر تتبنى وإن إحنا عارفين إن المشروع ده فيه الخير لينا ولولادنا ولمصر كلها، بس لازم يدونا تعويض عن بيوتنا وأراضينا وممتلكاتنا، عشان لو مخدناش تعويضات مش هيكون لينا لا أولاد ولا أحفاد يستفيدوا من المشروع ده لإننا هنكون متنا من غير أرض ولا سكن”.
وعلى الصعيد ذاته تقول المحامية شيرين الحداد التي تساعد أهل تلك القرية أن وزارات الإسكان والزراعة والكهرباء قدمت لها مستندات رسمية تفيد بإمتلاك أهالي قرية الأبطال لأراضيهم بمستندات يعود تاريخها لأكثر من 24 سنة ماضية، تمثلت في بطاقات حيازة زراعية صرف الأهالي من خلالها حصة البذور والكيماوي، وفواتير كهرباء بعناوين الأهالي بقرية الأبطال.
وتضيف المحامية “منذ 15 عاماً قامت وزارة الكهرباء ببناء شبكة كهرباء في القرية وإدخال أعمدة إنارة بها، كما قام عدد كبير من مؤسسات الدولة بإمداد القرية بخدماتها نظير مقابل مادي من أهلها، الأمر الذي يعد إعترافاً رسميا بوجود قرية الأبطال” مؤكدةً أنها سوف تقيم دعوى قضائية ضد الهيئة العامة لقناة السويس ووزارة الزراعة تتهمهما خلالها بالإستيلاء على الأراضي التي تم تخصيصها مسبقاً لهؤولاء الأهالي بغرض المنفعة العامة الذي يلزم الطرفين بتعويض الأهالي بمقابل مماثل لما تم إنتزاعه منهم وهو ما لم يتم حتى الآن.