قامت الخبيرة الأمنية المتقاعدة في الجيش الإسرائيلي، ميري آيسين، بتحليل الأسباب وراء استمرار إسرائيل في الصراع في غزة، وذلك بغض النظر عن الخسائر الجسيمة التي تتعرض لها تل أبيب، سواءً في صفوف الجيش أو من الناحية المالية حيث تواجه خسائر اقتصادية هائلة. ووفقًا لتقرير نشرته CNN، أكدت آيسين أن العالم لا يدرك تمامًا التهديد الذي نواجهه، وأنهم لا يدركون أننا نرى في هذا التهديد تهديدًا لوجودنا، وبالتالي فنحن غير قادرين على العيش هنا طالما أن قدرات حماس العسكرية موجودة.
وأضافت آيسين قائلة: “في الوقت الحاضر، فإن الجمهور الإسرائيلي على استعداد لتحمل عدد كبير نسبيًا من الخسائر البشرية من أجل تدمير قدرات حماس العسكرية”، ووفقًا للإحصاءات الرسمية، قتل 115 جنديًا من قوات الدفاع الإسرائيلية في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، وذلك بعد الإعلان عن مقتل 9 جنود إسرائيليين في هجوم واحد في شمال غزة مساء الثلاثاء، وهذا الحادث يعد واحدًا من أكثر الحوادث دموية للقوات الإسرائيلية منذ بداية العملية البرية في 27 أكتوبر 2023.
ومع ذلك، يبدو أن هذا العدد قليلًا بالمقارنة مع عدد الضحايا الفلسطينيين في غزة، حيث أفادت وزارة الصحة بأنه تم استشهاد 18,412 شخصًا حتى مساء الثلاثاء الماضي، ويشير التقرير إلى أن أخبار قتل الجنود الإسرائيليين تسببت في صدمة عارمة في جميع أنحاء إسرائيل، ولكن من الناحية الأخرى، يرى المحللون الإسرائيليون أنه من غير المرجح أن تؤدي هذه الحوادث إلى تضعيف دعم الجمهور الإسرائيلي للحرب، على الرغم من المخاطر الشديدة المحتملة.
وصرّحت ميري آيسين بأن الهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء كان مؤلمًا للغاية بسبب وفاة عدد كبير من الضباط ذوي المراتب العالية، وأشارت إلى أنه من الصعب دائمًا رؤية الجنود يُقتلون، ولكن عندما يتعلق الأمر بقادة الجيش الذين قادوا مئات الجنود، فإن ذلك يخلق صدمة كبيرة.
وأضافت آيسين أن هذا الحادث أبرز الطبيعة غير المتوقعة للحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة حاليًا وتأثيراتها، في البداية، تمت الهجمات الجوية والمدفعية التي أسفرت عن سقوط عدد كبير من الشهداء الفلسطينيين، ولكن تم الحفاظ على سلامة الجنود الإسرائيليين بسبب تفوقهم الجوي، وأشارت إلى أن تغيير الميزان يحدث عندما يتم نشر الجنود الإسرائيليين على الأرض.
ووفقًا للجيش الإسرائيلي، استغرقت حماس وقتًا طويلاً في التحضير لهذه الحرب، حيث قامت ببناء نظام أنفاق ونصب الفخاخ والدفاعات، وهذا هو أحد الأسباب التي جعلت هذا الغزو أشد فتكًا بالنسبة للجيش الإسرائيلي من العملية البرية في غزة عام 2014 التي استمرت لمدة 51 يومًا وأسفرت عن مقتل 67 جنديًا إسرائيليًا.
وصرّحت آيسين أن في حرب المدن، يكون للمدافعين دائمًا الأفضلية، ولذلك قامت حماس ببناء نفسها في المناطق الحضرية وأنشأت ساحة تحت الأرض، مما زاد من قدرتها على المواجهة.
في بيان صدر أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي أن مقاتلي حماس ألقوا متفجرات على الجنود وأطلقوا النار عليهم من داخل مبنى سكني.
ويرى الجنرال المتقاعد في الجيش الإسرائيلي، إسرائيل زيف، أن حادث الثلاثاء وقع في جزء كثيف من حي الشجاعية الذي يُعرف باستغلاله من قبل حماس لنشر الصواريخ وإخفاء الأنفاق تحت الأرض.
وبينما لا يزال الغالبية العظمى من الإسرائيليين مؤيدة للعملية في غزة، فإن هناك بعض الأخبار تشير إلى تنامي الانتقادات الداخلية والضغوط على الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإنهاء العنف، وتشدد بعض الأصوات على أن الحل الوحيد هو استئناف المفاوضات والوساطة لإحلال السلام بين الجانبين، في حين تعتبر آخرى ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للنزاع وتحقيق العدالة والمساواة لضمان استقرار المنطقة على المدى البعيد.