أمرت إسرائيل المدنيين بمغادرة أربع بلدات في الجزء الجنوبي من قطاع غزة يوم الخميس مما أثار مخاوف من أن حربها ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد تمتد إلى مناطق قالت إن سكانها آمنون، وفي شمال القطاع الفلسطيني ، قالت إسرائيل إن قواتها لا تزال موجودة في مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، لكنها لم تقدم تفاصيل أخرى عن عملياتها منذ اليوم السابق عندما دخلت المنشأة في ذروة حصار استمر أيامًا، بحسب وكالة رويترز للأنباء، التي قالت أنها لم تتمكن من التحقق من الوضع في مستشفى الشفاء صباح الخميس بعد أن فقدت الاتصال بالأطباء داخله منذ يوم الأربعاء.
وطلبت إسرائيل من المدنيين عن طريق منشورات أسقطتها خلال الليل، مغادرة بلدات بني شحيلة وخزاعة وعبسان والقرارة على الطرف الشرقي لخان يونس المدينة الرئيسية في الجنوب، وتؤوي هذه المدن، التي كانت تؤوي أكثر من 100 ألف شخص في وقت السلم، الآن عشرات الآلاف الآخرين الذين فروا من مناطق أخرى.
وجاء في المنشورات “إن أعمال جماعة حماس الإرهابية تتطلب من قوات الدفاع التحرك ضدها في مناطق سكنكم“، “لسلامتكم، عليكم إخلاء أماكن سكنكم فوراً والتوجه إلى مراكز الإيواء المعروفة”، وقال سكان إن المنطقة تعرضت لقصف عنيف خلال الليل.
وأمرت إسرائيل بالفعل بإخلاء النصف الشمالي من غزة بأكمله قبل إرسال قواتها البرية في نهاية أكتوبر، وقد شوهدت مواكب طويلة من النازحين يحملون القليل من الممتلكات تشق طريقها جنوبًا كل يوم تحت أعين الجنود الإسرائيليين خلال “فترات توقف تكتيكية” مدتها ست ساعات للسماح للسكان بالمغادرة.
وتقول الأمم المتحدة إن حوالي ثلثي سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة أصبحوا بلا مأوى، ولجأ معظمهم إلى بلدات في الجنوب، منذ أن بدأت إسرائيل الانتقام من حماس بسبب الهجوم المميت في بلدات جنوب إسرائيل.
ومنذ ذلك الحين، قصفت إسرائيل غزة بغارات جوية وقطعت عنها الغذاء والوقود، وتقول السلطات الصحية في غزة التي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة، إن أكثر من 11 ألف شخص تأكد مقتلهم، أكثر من 40% منهم من الأطفال، ويخشى أن يكون عدد أكبر من ذلك بكثير محاصرين تحت أنقاض المنازل التي قصفت.
قطع الاتصالات وغموض بوضع مستشفى الشفاء
وكان من المستحيل تأكيد الوضع في اليوم الثاني من العملية الإسرائيلية في مستشفى الشفاء، حيث انقطعت الاتصالات منذ ظهر الأربعاء، وقد أثارت محنة المستشفى قلقاً دولياً، حيث ظل مئات المرضى والآلاف من المدنيين النازحين محاصرين داخله دون وقود أو أكسجين أو إمدادات أساسية.
وقال مسعفون إن عشرات المرضى توفوا في الآونة الأخيرة نتيجة الحصار الإسرائيلي، بما في ذلك ثلاثة أطفال حديثي الولادة في الحاضنات التي انقطعت عنها الكهرباء.
وبعد يوم من دخول الشفاء، لم تقدم إسرائيل بعد أدلة تثبت ما زعمت أنه مقر كبير لحماس في أنفاق أسفل المنشأة، وهو ما قالت إنه يبرر معاملة المشفى كهدف عسكري.
ونشرت إسرائيل مقطع فيديو قام فيه جندي بجولة في مبنى مستشفى، وأظهر ثلاث حقائب بها بنادق وسترات واقية من الرصاص زعم إنه عثر عليها مخبأة هناك، بالإضافة إلى عدة بنادق أخرى في خزانة، وجهاز كمبيوتر محمول.
ومن جهتها قالت حماس إن الفيديو مفبرك، وقال فلسطينيون آخرون إنه حتى في ظاهره لا يصور أي شيء يشبه مجمع المقرات العسكرية الضخم تحت الأرض الذي زعمت إسرائيل أنه موجود داخل المجمع.
وقالت الدكتورة ناهد أبو طعيمة، مديرة مستشفى ناصر في خان يونس، إن “هذه ذرائع واهية، لا يوجد شيء للمقاومة داخل المؤسسات الطبية”، مضيفة أن الأطباء يشعرون بالقلق على زملائهم في مستشفى الشفاء بعد أن فقدوا الاتصال بهم منذ يوم الأربعاء.
وأضافت أبو طعيمة، أن الإسرائيليين “زعموا أن هناك مراكز قيادة في الشفاء، وعندما لم يجدوا شيئا وقفوا خجلين أمام العالم، فكان عليهم أن يختلقوا بعض الذرائع للأكاذيب التي نشروها سابقا”.
وقالت أبو طعيمة معربة عن قلقها حول زملائها ومرضاهم في مستشفى الشفاء لأنهم معرضون “لخطر وشيك”، وأضافت “رائحة الموت في كل مكان وجثث الشهداء متناثرة في كل مكان في الساحات ولا يستطيع أحد دفنها”.