قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن البلاد “في حالة حرب” بعد هجوم مفاجئ واسع النطاق من قبل المسلحين الفلسطينيين من غزة في وقت مبكر من صباح يوم السبت، حيث أطلقت حركة حماس المسلحة، التي تسيطر على الجيب الساحلي، وابلاً من الصواريخ وأرسلت مسلحين إلى إسرائيل في هجوم متعدد الاتجاهات وغير مسبوق في الصراع الطويل الأمد بين الجانبين، وقال نتنياهو في رسالة مصورة: “مواطني إسرائيل، نحن في حالة حرب – ليس في عملية، ليس على جولات – في حالة حرب”، وقالت السلطات الإسرائيلية إن ما لا يقل عن 70 شخصًا قُتلوا وأصيب ما لا يقل عن 985 شخصًا، وأن عددًا من الإسرائيليين أُسروا من قبل حماس، فيما رد الجيش الإسرائيلي بشن غارات جوية على ما قال إنها أهداف لحماس في غزة، حيث قال مسؤولون فلسطينيون إن ما لا يقل عن 198 شخصًا قُتلوا ومئات آخرين أصيبوا نتيجة لذلك.
ماذا حدث؟
في حوالي الساعة 6:30 صباحًا بالتوقيت المحلي يوم السبت، عندما كان من المرجح أن يكون العديد من الإسرائيليين نائمين، سُمعت صفارات الإنذار في شمال تل أبيب، وشرق بئر السبع، والعديد من المواقع الأخرى بينهما مع تحليق الصواريخ فوق إسرائيل، وقالت قوات الدفاع الإسرائيلية إن مسلحين من غزة دخلوا الأراضي الإسرائيلية برا وبحرا وجوا، حيث استخدم بعضهم المظلات الشراعية، وحذرت الإسرائيليين الذين يعيشون بالقرب من غزة من البقاء في منازلهم.
وأظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لشبكة CNN أيضًا مجموعة من المسلحين الملثمين في شاحنة صغيرة يقودون على طول شارع في مدينة سديروت الإسرائيلية، والتي تقع بالقرب من حدود غزة، كما يمكن سماع إطلاق النار في الفيديو. وقالت قوات الدفاع الإسرائيلية إنه تم إطلاق حوالي 2200 صاروخ على إسرائيل، بينما قدرت حماس الرقم بـ 5000 صاروخ.
ومن جانبه أطلق قائد الجناح العسكري لحماس محمد الضيف على العملية اسم “طوفان الأقصى” وقال إن الهجوم على إسرائيل جاء ردًا على الاعتداءات على النساء وتدنيس المسجد الأقصى في القدس والحصار المستمر على غزة، وقالت حماس إنها أسرت جنودًا إسرائيليين ونشرت مقاطع فيديو لجنود زعمت أنها أسرتهم على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأظهرت مقاطع فيديو حدد موقعها الجغرافي وصادقت عليها CNN أن حماس أسرت جنديًا إسرائيليًا واحدًا على الأقل، وقال اللواء الركن دانيال هجاري المتحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية: “هناك رهائن وأسرى حرب أخذتهم حماس، هناك أيضًا قتلى من بين جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، ليس لدينا رقم محدد بعد – نحن في حالة حرب”. كما نشرت حماس مقطع فيديو يُزعم أنه يظهر مركبة عسكرية إسرائيلية تم الاستيلاء عليها، وهذا ما أكده صحفي من CNN حيث شاهد سيارة همفي عسكرية تُعرض في غزة، في حين رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الأمر، وأظهر مقطع فيديو آخر تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، دبابة مشتعلة بالقرب من حدود غزة.
كيف ردت إسرائيل؟
ردًا على الهجوم، شنت إسرائيل عملية “سيوف القدس”، وضربت عددًا من الأهداف في قطاع غزة، وقال نتنياهو إن رد إسرائيل على توغل حماس سيفرض “ثمناً باهظاً” على الحركة المسلحة، وقال هجاري في بيان: “يعزز جيش الدفاع الإسرائيلي الجنوب والمجتمعات المحيطة بقطاع غزة بعدد من القوات العملياتية”، وفي حوالي الساعة 12 ظهرًا بالتوقيت المحلي، وصف الجيش الإسرائيلي الهجوم بأنه “ضخم”، وقال إن القتال يدور على الأرض في ما لا يقل عن سبعة مواقع في البلاد.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي المقدم ريتشارد هخت لشبكة CNN إن “عشرات الآلاف” من جنود الاحتياط الإسرائيليين تم استدعاءهم أيضًا للمساعدة، مضيفًا أنه يأمل “ألا يكون هناك المزيد من الإرهابيين الأحياء في إسرائيل” بحلول نهاية اليوم.
وقال إن إسرائيل “على أهبة الاستعداد في الشمال” في حالة وقوع هجمات من لبنان أو سوريا، وداخل غزة، سُمع هدير الطائرات الحربية الإسرائيلية تلاها انفجارات قوية وأعمدة دخان أسود متصاعدة.
ومُنع الفلسطينيون من عبور الحواجز إلى القدس من الضفة الغربية، وقالت إسرائيل إنها ستغلق جميع المؤسسات التعليمية يوم الأحد.
كيف وصل الجانبان إلى هنا؟
يعود تاريخ التوترات بين إسرائيل والفلسطينيين إلى ما قبل تأسيس الدولة في عام 1948، قُتل الآلاف من الناس من الجانبين وأصيب الكثيرون بجروح في الصراع الطويل الأمد بين الجانبين على مدى العقود القليلة الماضية.
زاد العنف بشكل خاص هذا العام، عدد الفلسطينيين – المسلحين والمدنيين – الذين قُتلوا في الضفة الغربية المحتلة برصاص القوات الإسرائيلية هو الأعلى منذ ما يقرب من عقدين، وينطبق الشيء نفسه على الإسرائيليين والأجانب الذين قُتلوا في هجمات فلسطينية.
انخرطت إسرائيل وحماس في صراع مسلح يعود تاريخه إلى انتفاضة الأقصى الأولى عام 1987 ضد الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة والضفة الغربية، وكانت استولت إسرائيل على غزة من مصر في حرب عام 1967، ثم انسحبت منها عام 2005.
قبل عملية يوم السبت، كانت آخر حرب بين حماس وإسرائيل في عام 2021، والتي استمرت لمدة 11 يومًا وقتلت ما لا يقل عن 250 شخصًا في غزة و 13 في إسرائيل، ويأتي هجوم يوم السبت بعد يوم واحد للذكرى الخمسين لحرب 1973، عندما شنت الدول العربية المجاورة لإسرائيل (مصر وسوريا) هجومًا مفاجئًا على إسرائيل في يوم كيبور، وهو أقدس يوم في التقويم اليهودي، في 6 أكتوبر 1973.
ما الذي يقوله اللاعبون الإقليميون الرئيسيون؟
أدانت الدول الغربية هجوم حماس وتعهدت بدعم إسرائيل، بينما دعت الدول العربية، بما في ذلك تلك التي اعترفت بإسرائيل، إلى الهدوء، وتحدث رئيس الولايات المتحدة جو بايدن إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم السبت وقال إن واشنطن “تدين بشكل لا لبس فيه هذا الهجوم المروع على إسرائيل من قبل إرهابيي حماس من غزة”.
وقال: “أوضحت لرئيس الوزراء نتنياهو أننا على استعداد لتقديم جميع وسائل الدعم المناسبة للحكومة والشعب في إسرائيل”.
وقالت المملكة العربية السعودية، التي تجري محادثات مع الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بشكل محتمل، إنها تتابع عن كثب الوضع “غير المسبوق” ودعت “الجانبين إلى وقف التصعيد على الفور”، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية السعودية على موقع X.
ودعت الإمارات العربية المتحدة، التي اعترفت بإسرائيل عام 2020، إلى “ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وهدنة فورية لتجنب العواقب الخطيرة”.
فيما رحبت خصوم إسرائيل بالهجوم، وقال اللواء رحيم صفوي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي: “نهنئ المقاتلين الفلسطينيين وسنقف إلى جانبهم حتى تحرير فلسطين والقدس الشريف”، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية إيسنا.
وأشادت ميليشيا حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران بالهجمات وقالت إنها على اتصال مع الجماعات المسلحة الفلسطينية “في الداخل والخارج”، بحسب قناة المنار التابعة لها.