ها هي أولي أفكاري وأرائي التي تخرج لأول مره للنور بعد أن كانت رغبتي في اقتصارها علي القلة القليلة المحيطة بي. أعترف أن الأمر ليس بالهين في تلك اللحظة وخصيصًا كوني الشخص الذي طالما أحب الاحتفاظ بوجهات نظره لنفسه. كوني أبغض تضخيم الأمور والجدالات التي تؤول للمشاكل والمشاحنات الحادة كانت هي وجهتي دومًا لتبني تلك الرغبة.
لطالما كنت الفتاة التي يصفها البعض بالمُدللة نظرًا لإلحاحي المستمر في خوض التجارب المثيرة لي دون اعارة اهتمام للآراء حولي، حتي لو ظنها الجميع غير ملائمة سواء لكوني فتاة أو من منظور طبيعة البيئة التي أقطنها أو باعتبارها اندثار للوقت كما يري البعض أو أنها بلا فائدة أو أن مصيرها حتمًا سيكون الفشل. أعترف أنني كنت أغمي عيني وأحجب سمعي عن أراءهم التي ما كانت لتؤثر علي معتقداتي بأي حال.
كانت واحدة من أكثر الأفعال التي أمقتها هي طلب النصيحة، لطالما كنت مقتنعة بأنه ينبغي أن أخوض تجربتي الخاصة بنفسي متحملة عواقبها أجمع، أما عن تلك الفكرة المرسخة بأنه حتمًا ولا بد بأن أخط علي خُطي وتجارب السابقين حتي لا ألقي بنفسي للتهلكة كانت مزرية لي ، فأنا لست هم وحياتنا ليست واحده ، كانت المجازفة أهون علي نفسي من الوقوف علي البر مترقبة الشيء الذي أطمحه بحسره لعدم قدرتي علي ملامسته لمجرد أن شخصًا ما نصحني بعدم الانجراف ناحيته. كان مجرد الفهم والوعي سببًا كافيًا لاقتحام وخوض تجاربي حتي لو باءت بالفشل.
لا أطلب النصيحة ولكن من الممكن أن أخذ بآراء قلة من القلة ممن حولي ممن أثق في أراءهم ومعتقداتهم ولكني سأفعل في النهاية ما أقتنع به فقط وما تمليه عليّ نفسي. بالتأكيد اذا أدركت خطأي سأنسحب فالموضوع ليس مجرد عناد فحسب كما يتوهم البعض.
أريد أن أسلط الضوء علي فكرة كنت وما زلت أضعها أمام نصب أعيني ألا وهي حياتنا كالإناء الفارغ الكبير، يجب أن نملأه فقط بتجاربنا وآرائنا ومعتقداتنا الخاصة والا ما الفائدة او الجديد الذي يذكر اذا امتلأ بتجارب الغير التي اكتظت بها أواني كثر، ما الفائدة اذا جعلنا مصيرها كالقوالب فيسودها الاعتياد وبالتالي المسخ والنفور.
وفي النهاية لم أندم يومًا علي تجربة خُضتها، أو فكرة قمت بتنفيذها، أو طريق قررت السير في أزقته، بل كان ندمي الوحيد علي كل المرات التي تخليت فيها عن كل هذا لمجرد الخوف والاحتياط والقطون في حيز “المضمون” بعد تلقي نصيحة مهما بدت صحتها للعامة فهي صحيحة لك وليس لي، ويمكننا أن نضع في الاعتبار احتمالية أنها ليست مناسبة لحياتي علي أي حال حتي و ان ناسبتك.