أصبحت شركة ( زووم) الشركة الأشهر في الوقت الحالي في عالم التكنولوجيا لدرجة أنها المنافس الأقوى لموقع فيسبوك. وفي تقريرنا التالي سنغوص في نشأة هذه الشركة ونستعرض معلومات في غاية الأهمية عنها. ففي عام 1987 طالب جامعي صيني يدعى ايريك إيوان في جامعة شان دونغ للعلوم والتكنولوجيا أحب فتاة صينية لم تكن من نفس مدينته، ولكي يزورها كان يحتاج 10 ساعات سفر باستخدام القطار مع الازدحام، والشعور بالاختناق. وهذا يشبه بالضبط حينما تسافر من أسوان وتحب فتاة من الاسكندرية ولكي تقابلها الموضوع سيكون مرهق ومكلف.
إيريك مؤسسة شركة زووم كيف بدأ من الولايات المتحدة الأمريكية قصة النجاح؟
إيريك لكي يقابل حبيبته كان يسافر مرتين فقط في العام، ولهذا فكر الطالب إيريك في جهاز يتكلم معها، ولذلك أكمل تعليمه وتخرج وحصل على الماجستير من نفس الكلية، وكان شغوف بعالم التكنولوجيا، وشعر أن مستقبله ليس في الصين ولكن في وادي السيلكون في الولايات المتحدة الأمريكية.
وحاول 8 مرات الحصول على تأشيرة السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأخيرًا في المحاولة التاسعة استطاع الحصول على التأشيرة. وباللغة الانجليزية الضعيفة وصل الولايات المتحدة عام 1997 ودخل وادي السيلكون وانضم لشركة webex.
في البداية كان محب في مجال التسويق والمبيعات لكن لغته الإنجليزية كانت ضعيفة. وهذا كان في مصلحته لأنه اتجه لهندسة البرمجيات وكان أحد المؤسسين الرئيسيين للبرمجيات في الشركة. وحتى أصبح نائب لرئيس القسم الهندسي في الشركة وفي عام 2007 استحوذت شركة سيسكو cisco على شركة ويبكس وأصبح إيريك نائب رئيس الفريق الهندسي في سيسكو. وهناك حاول تحويل حلمه وهو طالب إلى حقيقة. ويقلل التعب على العشاق من أماكن بعيدة عن بعضها البعض من خلال توفير منصة الناس تستطيع التواصل بينها وبين بعضها عن بُعد بشكل مرئي.
لكن إدارة الشركة لم ترحب بفكرة إيريك، وفي أبريل 2011 استقال إيريك وأخذ معه 40 مهندس من المؤمنين بشركته، وبعدها مباشرة جمع تمويل بـ 3 مليون دولار بصعوبة شديدة، وأنشأ شركته الخاصة التي أسماها ( ساسبي) والتي تغير اسمها في 2012 إلى الاسم الحالي زووم.
وكبر المولود الصغير زووم zoom بمرور الوقت. حتى تم طرحها في البورصة الأمريكية في شهر أبريل عام 2019 وكان سهمها في الطرح الأولي بـ 36 دولار. وعلى رأي المثل مصائب قوم عند قوم فوائد. ومن بداية عام 2020 وانتشار فيروس كورونا كوفيد 19 وما أعقبه من اجراءات الحجر الصحي المنزلي والتباعد الاجتماعي أصبحت مشكلة إيريك القديمة في التواصل المرئي مع حبيبته مشكلة العالم كله.
مئات الملايين حول العالم لم يستطيعوا التواصل بصورة مستمرة بعد مكوثهم في بيوتهم. فكل شخص مع أسرته وأصدقاءه، أو صاحب العمل مع الموظفين، أو المعلم مع الطلاب .. إلخ وهنا استخدام منصة زووم كانت أفضل الحلول.
مميزات منصة زووم للتواصل الفيديو المرئي
(1 ) برنامج زووم المناسب للتواصل المرئي لمختلف الأغراض.
(2) سلس جدًا ويخلو من التعقيد.
(3) مجاني تقريبًا بالصوت والصورة وامكانية تسجيل الاجتماع الذي يمكن أن يصل عدد المشاركين فيه لـ 100 شخص في الاجتماع الواحد.
وبهذا بدأ العالم كله يستخدم برنامج زووم بما فيهم حكومات دول مثل حكومة بريطانيا وآلاف المدارس حول العالم وصلت لـ 90 ألف مدرسة في 20 دولة حول العالم في الشهور الأولى من العام الحالي.
شهدت شركة زووم طفرة جبارة بسبب فيروس كورونا كوفيد 19 وأرقام الشركة تضاعفت في أشهر قليلة وارتفع عدد المستخدمين النشطين يوميًا، من 10 مليون مستخدم في ديسمبر 2019 قبل كورونا إلى 200 مليون مستخدم في شهر أبريل 2020 يعني قريب من ثلاثة أضعاف تطبيق Microsoft Teams .
وتضاعفت القيمة السوقية لشركة زووم ثلاثة مرات تقريبًا خلال الشهور القليلة الماضية من 16 مليار دولار في عام 2019 إلى 42 مليار دولار في أبريل 2020. وحقق المستثمرون الذين اشتروا أسهم شركة زووم أرباحًا كبيرة، فالسهم كان بـ 36 دولار والوقت الحالي في 10 مايو 2020 تخطى سعر السهم 155 دولار.
ثروة إيريك التي يمتلك 22 % من الشركة ارتفعت هي الأخرى من 3.9 مليار دولار نهاية 2019 إلى 7.8 مليار دولار في مايو 2020 وبالتالي دخل قائمة بلومبرج ضمن أغنى 200 شخص على مستوى العالم ولكن الحياة ليست وردية هكذا.
اكتشاف ثغرات أمنية وخصوصية عديدة في تطبيق زووم لاجتماعات الفيديو المباشر
حينما اشتهرت شركة زووم بدأ البحث يزيد خلفها وبالفعل تم اكتشاف العديد من الثغرات في الأمان والخصوصية. بساطة التطبيق واعتماد روابطه على كود رقمي مكون من 11 رقم أعطى سهولة للمخترقين ( الهاكر) اختراق الاجتماعات وتسريب معلومات لأشخاص أو هيئات أو يقوموا بالتشويش على الاجتماعات، أو يدخلوا عليها محتوى مسيء أو غير مناسب فيما عرف بغارة زووم أو زووم بومنج.
بالطبع زووم اعتذرت عن الثغرات الأمنية وتداركت الأمر لحل المشاكل. والحقيقة الثغرات الأمنية لم تكن أكبر مشاكل زووم ولكن كان هناك تحدي آخر يمثل خوف حقيقي لدى الشركة. وشيء لا يمكن الصمود أمامها بسهولة لاسيما بعدما أصبحوا أكبر موفر لبرمجيات ومؤتمرات الفيديو في العالم.
أواخر شهر أبريل 2020 تحدثت مارك زوكربيرج، صاحب شركة فيسبوك، وأعلن أن فيسبوك ستطرح غرف فيديو بحيث يمكن للمستخدمين الانضمام للمكالمات الفيديو مع ما يصل لـ 50 شخص في تطبيقات : فيسبوك، وماسينجر، وواتساب، وانستجرام، حتى لو الشخص لا يمتلك حساب على فيسبوك أصلًا يستطيع دخوله للاجتماع بصورة عادية. يعني نفس ما تقدمه شركة زووم وبعدها مباشرة انخفضت أسهم شركة زووم بنسبة 10 بالمائة. فهذه منافسة مع أكبر مجموعة تواصل اجتماعي في العالم.
وخلال الربع الأول من عام 2020 كان هناك 2.6 مليار مستخدم شهريًا في فيسبوك. يعني مع امكانيات تقنية جبارة قادرة على سحق أي منافس. ودخل المنافسة أيضًا عمالقة وادي السيلكون مثل جوجل، ومايكروسوفت، وهاوسبارتي وغيرهم. وللأسف هذه ليست التحديات التي تواجه شركة زووم.
اتهامات أمريكية لشركة زووم بأنها ذراع للحزب الشيوعي الصيني في أمريكا
فمؤخرًا صدرت مجموعة من الاتهامات في الولايات المتحدة الأمريكية تقول إن شركة زووم هي ذراع للحزب الشيوعي في الصين مع اتهامات بالتجسس لصالح الصين. واستندوا على دراسة أقيمت في مختبر The CitizenLab في جامعة تورنتو في كندا تقول إن شركة زووم تمتلك ثلاثة شركات تابعة لها في الصين. ويعمل فيها 700 موظف يعملون في البحث والتطوير لشركة زووم. وإن مفاتيح التشفير التي تستخدمها شركة زووم والتي يتم انشاءها بواسطة خوادم الشركة بيتم تسليمها للمشاركين في الاجتماعات من خلال خوادم في الصين، حتى لو كانوا من خارج الصين.
الدراسة وصفت زووم بأنها شركة أمريكية ولكن بقلب صيني وبعدها بدأت الاتهامات تزداد في الولايات المتحدة والتحذير من استخدام البرنامج حتى من قبل الوكالات الحكومية الأمريكية، ودعوا لحذف التطبيق لأنه عرضة للتجسس والاختراق.
تقرير استخباراتي صدر من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية قال بكل صراحة أن العاملين الداخليين في زووم في الصين يمكن أن يعملوا بناء على أوامر من الحزب الشيوعي الحاكم في الصين. ونانسي بيولسي، رئيسة مجلس النواب الأمريكي، وصفت زووم أنه كيان صيني قيل لنا ألا نثق في أمنه.
الأمر تخطى المسؤولين الأمريكيين ووصل إلى مديري شركات ومؤسسات تدريبية وتعليمية، فمثلًا شارل كيرك مؤسس منظمة Turning Point USA غير الربحية والتي لديه أكثر من 1.7 مليون متابع على موقع ( تويتر) كتب توقفوا عن استخدام زووم فورًا، فالحزب الشيوعي الحاكم في الصين يستخدمه كوسيلة للتجسس على مواطنينا.
رد فعل زووم كان غاضب على تلك الاتهامات وقالت: لماذا التركيز معنا في حين المنافسين لنا وأغلب شركات وادي السيلكون يعمل فيه مهندسون صينيين. وهذا يشمل جوجل وآبل وتويتر وغيرهم.
وكنوع من تدارك مشاكل الخصوصية والأمان، وتعزيز التشفير قامت زووم من أيام قليلة بالاستحواذ على شركة ناشئة كي بايز المتخصصة في التشفير وأمن الملفات والدردشات.
في النهاية لا نعلم كيف تستطيع زووم مواجهة حربها أمام المنافسين العمالقة مثل فيسبوك، وجوجل، أو اتهامات التجسس التي ستؤثر على انتشارها ونموها في الولايات المتحدة التي تعتبر من أكبر أسواقها.
هل يمكن أن نجد فيسبوك ابتلع زووم واستحوذ عليها؟
أم سيظل الصيني إيريك الذي يطارد أحلامه بكل قوة وإصرار يقاوم ويواجه؟
الأيام القادمة ستحكم على هذه التساؤولات.
طريقة تحويل صورك القديمة من أبيض وأسود إلى صور ملونة عبر التطبيق الأذكى على هاتفك المحمول