أحدثت زيادة أسعار البنزين والسولار مؤخرا في مصر ارتباكا كبيرا في المجتمع المصري، وفي ظل وصول مصر في نهاية العام إلى الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، إثر الاكتشافات الجديدة في حقل ظهر للغاز ودخولها حيز العمل، والانتقال إلى مرحلة التصدير في منتصف العام المقبل، مما دفع الحكومة لاتخاذ قرار بتكليف وزارة البترول لوضع خطة بهدف التحول التدريجي في السيارات التي تستخدم البنزين والسولار إلى استخدام الغاز، وحسب مصدر مسؤول في مجلس الوزراء مدة الخطة في مرحلتها الأولى 3 سنوات وتنطلق بداة من العام القادم 2019 وتنتهي بنهاية عام 2022 بحيث يصل 50% من السيارات الخاصة والنقل الجماعي التي تعمل على الغاز الطبيعي.
وأوضح المصدر في تصريحات صحفية أن الخطة المستهدفة تتضمن دراسة توضح الجدوى الاقتصادية من االاستخدام الجزئي للغاز الطبيعي في السيارات، وتأخذ الدراسة بعين الاعتبار “المشاكل الفنية التي تحول دون الإقبال على سيارات الغاز الطبيعي، وإمكانية تأسيس بنك لوزارة البترول، يموّل الراغبين في تحويل سياراتهم للعمل بالغاز الطبيعي”.
آراء متباينة
أثار إعداد خطة للاعتماد الجزئي على الغاز الطبيعي في تموين السيارات جدلا بين المتخصصين في مجالي البترول والغاز الطبيعي وبدت آراءا متباينة حول هذا الامر ولاسيما في ظل قلة محطات التزويد بالغاز مقارنة بمحطات البنزين والسولار حيث لا تتجاوز هذه المحطات نسبة 5% على مستوى الجمهورية، واختلاف المتخصصين بشأن مدى كفاءة حرق الغاز الطبيعي مقارنة بالبنزين وتاثيره على العمر الافتراضي للمركبات.
ومن جهته الدكتور مجدي مكرم، مؤسس قسم هندسة البترول بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، يرى إن “الاكتفاء الذاتي حافز للحكومة للسير في هذا الأمر، لكن هناك مشاكل تتعلق بالتحويل أهمها التكلفة؛ ما يتطلب أن تعطي الحكومة تسهيلات ودعماً أكبر، فضلاً عن إطلاق حملات توعية بتوجه المواطنين للتحويل، والحسم الفني لتأثير استخدام الغاز على كفاءة السيارة مقارنة بالبنزين، في ظل معاناة الشارع من ارتفاع سعر الأخير، وانخفاض سعر الغاز لا سيما أنه إنتاج محلي”.
وأضاف مكرم في تصريحات صحفية بالقول: أن “التحدي الأكبر في اعتماد المواطنين على الغاز، يرتبط بزيادة انتشار محطات الغاز التي تعتبر محدودة حتى الآن؛ ما سيتم على إثره البدء بالعمل على بنية تحتية لإنشاء مزيد من محطات الغاز”.
وأشار مكرم إلى أن “توجه الدولة لاعتماد خطة للاستخدام التدريجي للغاز في السيارات، يعود إلى رغبتها في توفير أكبر قدر من البنزين لتحويله إلى منتجات بتروكيماوية؛ ما يكون له قيمة مضافة”، موضحاً أن “الامتلاك المنتظر لفائض من إنتاج الغاز للدولة يغريها في هذه الخطة، لكن تكوين البنية التحتية لمحطات الغاز، سيمهل استخدام جزء كبير من السيارات للغاز حتى عام 2022″.
وبالمقابل أيّد عضو الجمعية المصرية للبترول، الدكتور جمال القليوبي وأكّد على عدم تأثير استعمال الغاز كوقود على كفاءة السيارة وقال في تصريحات صحفية: أن “توافر الأجهزة التي يتم تركيبها في غرفة الموتور للسيارة، ينتج عنه تغيير صمام البنزين لصمام غاز طبيعي، وأن عملية التحويل تصل تكلفتها إلى 7 آلاف جنيه، في ظل الاتفاق مع بنك ناصر على تقديم قروض، وتقوم بعمل التحويلة بقرض على مدار 10 سنوات دون فوائد”.
ولجهة ما يتردد عن مدى كفاءة الاحتراق القليل للغاز الطبيعي أوضح القليوبي: أنه “كلام غير صحيح، بدليل أن ماركات السيارات الألمانية تتجه حالياً لإنتاج سيارات تعمل بالغاز الطبيعي”، وأكّد على أن تكلفة السيارة من الوقود تنخفض إلى نسبة 50% باستعمال الغاز الطبيعي مقارنة باستهلاك البنزين في ظل سعر المتر المكعب 270 قرشاً.
وأشار القليوبي إلى أن “عدد السيارات العاملة بالغاز يصل إلى 250 ألف سيارة، وعدد المحطات 179 محطة مقارنة بـ 2800 محطة بنزين بمصر؛ ما سيتغير بزيادة عدد محطات الغاز بشكل كبير، مع إقرار قانون سوق الغاز الجديد، الذي سيضع البنية التحتية التي يتم العمل عليها لتوصيل الأنابيب وإنشاء المحطات، لتوفير الغاز لأكبر قدر من المناطق على المستوى الجغرافي”.