أثارت كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة العربية الـ29 عن الصواريخ البلاستيكية الكثير من الجدل، وأصبحت الكلمة مثارا للحديث، وإطلاق هاشتاج أكثر تداولًا في مصر على موقع “تويتر” في مصر؛ حيث أشار السيسي في خطابه إلى إطلاق هذه الصواريخ على الأراضي السعودية من قبل عناصر الحوثيين المتطرفة في اليمن والتي اتهمت الرياض طهران بانها من تزود هذه العناصر بتلك الصواريخ، فهل يوجد مثل هذا النوع من الصواريخ ماذا أذن ماذا تعني الصواريخ البلاستيكية؟
هي المسمى العلمي الصحيح للصواريخ البالستية “Ballistic missiles”، وهي ليست كما البلاستيك الذي يظنه البعض والمستخدم في صناعة الأطباق ولكنها صواريخ قاذفة بعيدة المدى ويبلغ نحو 3 أميال ونصف الميل وله القدرة على حمل جميع أنواع الرؤوس الحربية كالنووية والكيميائية.
الصاروخ الباليستي (االصاروخ القوسي أو القذيفة التسيارية) هو صاروخ يتّبع مساراً منحنياً (أو شبه مداري)، وهو مسار يتأثّر بالجاذبيّة الأرضيّة والاحتكاك الهوائي (مقاومة المائع). المسار المنحني يسبقه مسار متسارع ينتج عن محرك صاروخي يمنح الصّاروخ الدفع المناسب وذلك للوصول إلى هدفه.
و كلمة “الصواريخ الباليستية” تعني (الصواريخ القوسية) وهي الصواريخ القذافية – بينما الصواريخ الأخرى (المضّادة للدروع، للطائرات، للسفن،…) فنادراً ما يتم إطلاق هذا الاسم عليها .
ويعتمد تصنيف الصواريخ (تكتيكي واستراتيجي) طبقاً لسياسة الدولة الدفاعية التي تمتلك هذا النوع من الصواريخ
- الصّاروخ التكتيكي يتم استخدامه لتوسيع نطاق الطّاقة الهجوميّة التي تفوق استخدام المدفعيّة التقليديّة للقوات المسلحة، ويتميز مداه انه محدود ويبلغ بضع مئات من الكيلومترات وهو مزوّد برأس تقليدي.
- الصّاروخ الاستراتيجيّ يستخدم عادة كقوة للردع وخاصة السلاح النووي ،ويتم تزويده برأس حربي غير تقليدي، ويجعل هذا السلاح الدول قادرة على الهجوم حتى لو لم تكن قواتها المسلحة قادرة على ذلك وذلك يسبب قدرة هذا النّوع من الصّواريخ على ضرب أي أهداف دون صد أو اعتراض.
بعد الحرب العالمية الثانية تم استخدام لفظ “الصّاروخ الباليستي” للإشارة لنوع الصواريخ الباليستية الاستراتيجية خاصة تلك التي تم تزويدها برأس نوويّة وذلك نظرا لخطورتها السياسيّة والاجتماعيّة، الثانية.
تاريخ الصواريخ الباليستية
- كان أوّل صاروخ باليستي هو صاروخ من نوع فاو-2 (V2) وقام فريق فيرنر فون براون بصناعته في ألمانيا النازية وكان يسمى مشروع ” Amerika”وذلك عام 1938 وتم استخدامه في الحرب العالمية الثانية وكان مداه 200 كم تقريباً عند انتهاء الحرب وكان الهدف من استخدامه هو تفجير المدن الأمريكية والبريطانية والبلجيكية.
ثم تسابقت كلاً من الولايات المتّحدة الأمريكية والاتّحاد السوفييتي السابق في صناعة وتطوير هذه الصواريخ ولكن من النوع التكتيكي، وذلك باستحداث و تطوير صواريخ من نوع فاو-2 وصناعة صاروخ سكود أو ريدستون حتى الصواريخ الأكثر تطوراً ولا تزال كلا من الولايات المتحدة وروسيا المالكان الوحيدان لهذه التكنولوجيا ابان الحرب الباردة وحتى وفتنا الراهن .
- ما بين عام 1950 و1960، تم مضاعفة مدى الصواريخ المصنعة على نحو كبير ، فقد وصل مدى (صاروخ أر-2) إلى 550 كم في الاتحاد السوفيتي عام 1949، وفي عام 1955 وصل مدى (صاروخ أر-5) حتى 1200 كم، وفي عام 1957 وصل مدى (صاروخ أر-7) حتى 8000 كم، وفي عام 1961 وصل مدى (صاروخ أر-9) إلى 13000 كم، وفي عام 1965 وصل مدى (صاروخ أر-36O) إلى مدى كوكبي .
- في عام 1959 أدخلت الولايات المتحدة ألأمريكية أول صاروخ باليستى عابر للقارات للخدمة العسكرية وهو صاروخ الأطلس والمعد للأغراض الاستراتيجية ووصل مداه إلى 11000 كم وتم استخدام هذا الصاروخ بعد ذلك ضمن برنامج ميركوري.
- وفي عام 1960 قامت الولايات المتحدة بإطلاق الصاروخ بولاريس من غوّاصة حربيّة . ويعد هذا الصاروخ ، صاروخاً استراتيجياً كغيره يمكن إطلاقه من الغواصات على رغم أنّ مداه لا يتجاوز 2000 كم وذلك بسبب إمكانية إطلاقه بالقرب من أي مكان للعدو.
- وعبر الأعوام 1970-1980، لم يعد مدى الصواريخ الاستراتيجية عقبة كبيرة و ذلك بسبب قدرة هذه الصورايخ على الوصول لأي هدف على ارض معادية، واتجهت الأبحاث العسكرية لتطوير الصواريخ من خصائص أخرى .
- في حقبة الثمانينيات تراوحت دقة تلك الصواريخ بين 200 و300 م ، وذلك بعد أن تطرقت الأبحاث إلى تطوير الصواريخ لزيادة احتمال ضرب أكثر الأهداف تحصيناً والتي تتطلب تركيز الضربات حتى لو كانت من سلاح نووي (كمنصّات إطلاق الصواريخ).
- عملت الدول المصنعة لتلك الصواريخ على تصغير حجمها وذلك لضمان نظام صاروخي يكون أكثر مقاومة للضربات، مما يجعلها أكثر حركة، وذلك أدى إلى سهولة وضع تلك الصواريخ استراتيجية على وسائل نقل أخرى كالقطارات والشاحنات،بينما أصبحت منصّات الإطلاق أكثر صلابة ومقاومة وذلك بسبب الصواريخ التي أصبحت أقلّ حجماً.
- وبسبب تكلفة الصواريخ المرتفعة والحاجة لزيادة القدرة على التدمير الشامل الذي كان من أولويات التفكير الاستراتيجي للدول في تلك الحقبة، حملت بعض الصواريخ أحياناً 13 رأساً نووياً منفصلاً .
- تواصل تصميم الصواريخ الباليستية التكتيكية بالموازاة مع الصواريخ الاستراتيجية، ولكن بصفة أقلّ استعجالية. في عام 1988، تم حظر امتلاك صواريخ أرض-أرض النووية أو التقليدية والتي يتراوح مداها ما بين 500 و5500 كلم طبقاً للمعاهدة الأمريكية-السوفييتية للسلاح النووي ذو المدى المتوسّط.
وانتهت بذلك صناعة الصواريخ الباليستية التكتيكية في كلا البلدين نهائياً.، إلا أن بعض البلدان ما زالت تواصل إنتاج هذه الصواريخ لأغراض استراتيجية ذات المدى المتوسط كالهند وإسرائيل وباكستان وكوريا الشمالية وإيران.
تصميم الصواريخ الباليستية
تشبه هذه الصواريخ في تصميمها تماما الصواريخ الفضائية، فالصاروخ الفضائي ميركوري-ريدستون (الولايات المتحدة، 1961) على سبيل المثال والذي تم تصميمه لحمل أوّل رائد فضاء أمريكي إلى الفضاء اعتمد على تصاميم صواريخ فاو-2 كذلك تم تصميم الصاروخ الروسي زيميوركا الذي قام بمهمة إطلاق القمر الروسي التجريبي سبوتنيك 1 عام 1957 والذي تم استخدام أحدث نسخه لصواريخ سويوز في عصرنا الحالي هو صاروخ باليستي عابر للقارات لصلاً.
تم تصميم الصاروخ ليتكون من عدة طبقات فوق بعضها البعض، ويحتوي الطابق الأخير منها على حمولة الصاروخ، وهي قنبلة أو عدّة قنابل أو نظم توجيه وتصويب.
أمّا طبقات الصاروخ السفليّة فهي عبارة عن طبقات الدفع، التى تحوي خليطاً من موادّ – تسمّى بروبرغول – يُحدث تفاعلها كميّة هائلة من الطاقة. بالاضافة الى ان هذه الطبقات تحتوي على محرّك نفّاث يقوم بتوجيه هذا التفاعل لضمان دفع الصاروخ.
أنواع الصواريخ الباليستية
- الصواريخ الباليستية ذات المدى القصير أو الصواريخ التكتيكية، يتراوح مداها مابين 150 كلم حتى 300 كلم، كصواريخ سكود و الإسكندر، بلوتون،
- الصواريخ ذات المدى المتوسط ، التي يتراوح مداها ما بين 1000 و 3000 كلم. كصواريخ شهاب 3، نودونغ 1، أريحا 2.
- الصواريخ ذات المدى الوسيط و التي يتراوح مداها ما بين 2400 كلم و6400 كلم. كصواريخ إس-3 وإس إس-20.
- الصواريخ العابرة للقارات ذات المدى البعيد والتي يتراوح مداها ما بين 6000 و13000 كلم.كصواريخ توبول إم,Peacekeeper, SS-18، وتمتلكها خمسة دول هي الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وكوريا الشمالية .
- صواريخ الغواصات الباليستية. كصواريخ M45, بولاريس, بوسايدن.