في الوقت الذي لم تسفر المفاوضات المصرية الأثيوبية الحالية بشأن سد النهضة عن أي نتائج إيجابية، وهو ما قد يزيد الملف المائي تعقيدا، تعتزم أثيوبيا بناء سدود جديدة، الأمر الذي يثير لدى مصر مخاوف إضافية، حيث كان محمود أبو زيد، وزير الري المصري الأسبق، رئيس المجلس العربي للمياه، قد قال: إن “إثيوبيا تعكف حاليًا على إنشاء 33 سدًا، منها 11 لتوليد الكهرباء و22 للتنمية الزراعية، إضافة إلى وجود 4 أساسية أمام “سد النهضة”.
ما الذي يثير مخاوف مصر وينذر بنشوب توترات؟
وفقا للدكتور عباس شراقي، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية في جامعة القاهرة، الذي أكد على هناك دراسات قديمة أجرتها أثيوبيا لحوض النيل الأزرق من أجل إنشاء 33 سدا، وأن هذا الحوض يمد نهر النيل بنحو 60% من المياه، فيعتبر أهم حوض في أثيوبيا ضمن 3 أحواض بالنسبة لمصر.
وأضاف شراقي، في تصريحات صحفية قائلا: أن “إثيوبيا أعدت هذه الدراسة منذ فترة الخمسينيات عندما حدثت توترات بين مصر وأمريكا؛ إثر انسحاب أمريكا والبنك الدولي من تمويل بناء السد العالي، فلجأت الأخيرة إلى إثيوبيا لإنشاء مشروعات مائية، بغرض قطع مياه النيل عن مصر، وانتهى الطرفان من هذه الدراسات عام 1964، وركزا على حوض النيل الأزرق وخرجا بـ7 مجلدات، تضم 33 مشروعًا في هذا الحوض، منها سد النهضة الذي تعكف على بنائه أديس أبابا”.
وأضاف شراقي مشيرا إلى: أن “إثيوبيا شرعت في تنفيذ هذه المشروعات منذ 10 سنوات، نفذت منها مشروعين، والثالث كان سد النهضة وتبقى 30 مشروعًا غيرها، مشيرًا إلى أن لديهم خطة ذات أولويات، ويتم اختيار المشروعات الأكبر كسد النهضة باعتبارها الـ3 مشروعات الأكثر تأثيرًا على مصر مثل سد “كرادوبي” وبيكو آبو” و”ماندايا “والرابع سد النهضة الذي تواصل بناءه حاليًا”.
ويرى الخبير المائي أن خلافات شديدة سوف تُثار بين مصر وإثيوبيا في حال شرعت أثيوبيا في بناء أي من السدود الثلاثة آنفة الذكر، لما لهذه السدود من آثار سلبية خطيرة على حصة مصر الشرعية من المياه وباعتبارها في قوة تأثير سد النهضة.
المفاوضات تشمل سد النهضة فقط
أكد شراقي على أن المفاوضات المصرية الإثيوبية بشأن المستقبل المائي لمصر تقتصر في الوقت الحالي على سد النهضة فقط، ولم تتطرق المفاوضات دبلوماسيا وسياسيا لمناقشة المشروعات الجديدة بسبب أن المفاوضات بين مصر وأثيوبيا لم تسفر عن نتائج إيجابية حتى الآن وتم الإعلان عن فشلها، وأشار شراقي إلى أنه في حال طرأ حصول نتائج إيجابية من المفاوضات، لا بد من التطرق وفتح هذه الملفات الخطيرة على وجه السرعة، حيث من المتوقع إعلان إثيوبيا عن البدء في مشروع من تلك المشروعات في أي وقت لسبب فني، وعلّل شراقي بالقول: أن “وجود سد واحد فقط وهو سد النهضة على نهاية المجري يستقبل كل هذه الكمية من المياه، والإطماء يشكل خطورة على السد نفسه، وبناء أي سد من الثلاث المماثلة له في نفس القوة يتحمل الكثير عنه في تقليل سرعة المياه الشديدة الوافدة إليه، مع تقاسم نسبة الطم، ما يطيل عمر سد النهضة، منوهًا إلى أنه من الناحية الفنية يتحتم على إثيوبيا بناء سد من الثلاثة لحماية سد النهضة ليواجه كل مياه النهر”.
وأضاف شراقي ضمن هذا السياق قائلا ملمّحا إلى أن: ” الأقرب للتنفيذ هو سد “ماندايا”، وإثيوبيا لديها خطة خمسية وعشرية لإنهاء هذه السدود”، ونوّه إلى أن سد النهضة لم يكن في الأولويات وتم تنفيذه وكان من المفترض أن تنفذ سد كرادوبي أولاً ثم تغيرت الخطة.
المياه أمن قومي لمصر
قال الدكتور أحمد دياب كبير خبراء المياه بالأمم المتحدة: “إن أي مشروعات تقوم بها إثيوبيا من بناء سدود ستؤثر سلبًا على مصر، ونحن لن نفرط في أي نقطة من المياه لأنها أمن قومي بالدرجة الأولى للمصريين”، وأضاف في تصريحات صحفية: أن ” سعي إثيوبيا إلى بناء سدود جديدة دراسة تم إعدادها من قبل، والملف أصبح في يد جهاز الأمن القومي وسيقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة”.