في هذه المقالة سنستعرض خمسة أساليب علمية مستوحاة من علم النفس من أجل تحسين علاقاتك مع الأخرين، سنكتشف أن معظم هذه الأساليب يسهل تطبيقها حيث أنها تتطلب مجهود بسيط مقارنة بنتائجها الإيجابية، قبل أن أبدأ بشرح الأساليب، من المهم التوضيح أن هذه الأساليب سلمية، لا تسبب أي ضرر لأي طرف كما أنها مبنية على احترام الذات والأخر والمبادرة بخطوات إيجابية.
أولا: الحصول على معروف
حاول أن تحصل من الطرف الأخر على معروف (خدمة). هذا الأسلوب يعرف باسم تأثير بن فرانكلين.
قصة اكتشاف هذه الأسلوب هي كالتالي: ذهب فرانكلين (صاحب الأسلوب) إلى منافس له وقد علم انه يمتلك مكتبة فطلب منه أن يعيره كتاب نادر، وبالفعل وجد هذا الرجل الكتاب وأعطاه له، فشكره فرانكلين بشده ولاحظ بعدها أن العلاقة بينهم بدأت تتحسن وأصبحت أفضل رغم المنافسة.
نجد هنا أن تأثير بن فرانكلين هو نتيجة نفسية، مقسمة لجزأين:
- أن احتمالية أن يقوم من قام بإسداء جميل أو معروف لشخص ما، بإسداء ذلك الشخص معروفًا آخر تزيد.
- والعكس صحيح، فإن الشخص الذي يسبب أذى لشخص آخر يكون لديه رغبة أكثر في إيذائه مرة أخرى مقارنة برغبة الضحية في الثأر.
قرر العلماء اختبار هذه النظرية عن طريق أن يقوم الباحث بأن يطلب من مجموعة من الناس معروفا ومجموعة أخرى لا يطلب منها معروفاً، فوجدوا أن الذين يسألهم الباحث أن يقوموا بمعروف له يصنفوا الباحث بشكل أكثر إيجابيا من المجموعات الأخرى.
قد يبدو هذا متعارض مع المتعارف عليه، فالمعروف انه إذا قمت بمعروف لشخص ما، قد ترغب بان تبتعد عنه أكثر. ولكن الأبحاث تظهر شيئا مختلفا، إذا كنت تقوم بمعروف تجاه شخص ما، فإنك تدريجياً تميل إليه. فالشخص الذي أسدى إليك معروفًا يكون أكثر استعدادًا لفعل معروف آخر لك.
ثانياً: اطلب المزيد
الحيلة هي أن تطلب أكثر مما تريد ثم تقوم -بعد نقاش- بالمساومة على ما تريده فعلاً. هذا الأسلوب يسمى في علم النفس ” الباب في الوجه”.
الأسلوب مقسم على مرحلتين:
- تحدد أولا -بداخلك- الهدف المنشود ومن ثم تبدأ بالمطالبة بما هو أكثر، فيبدأ الطرف الأخر بالجدال معك على هذا الطلب أو يرفضه تماماً.
- ثم تبدأ مرحلة المساومة، بمعنى أن تتراجع تدريجيا أو مباشرةً عن طلبك حتى تصل للطلب الذي تريده بالفعل.
السبب الرئيسي وراء نجاح هذه الحيلة هي أن في حال رفض الطرف الأخر طلبك الأول، يشعر داخلياً بأنه أخذلك، فعندما تقوم بمساومته بطلبك الحقيقي يبدأ هو بالتراجع عن الرفض ويتقبل طلبك. ما يميز هذه الحيلة هي انه في النهاية سيشعر كلاكما بنوع من الانتصار والراحة.
فما توصل له العلماء من الأبحاث، انه إذا أظهرت طلبك الحقيقي بحده في البداية وتمسكت به لا ينجح الأمر عاداً، وان حيلة “الباب في الوجه” تصبح أكثر فاعليه في مثل هذه المواقف.
ولكن يجب التحذير من المبالغة في العرض الأول، لأن هذا قد يقلل من مصداقيتك وعقلانية الطلب مما قد يترك أثر سلبي بداخل الطرف الأخر وبالتالي على علاقتكم.
ثالثاً: استخدام الأسماء
أوضح الكاتب الأمريكي ديل كارنيجي في كتابه “كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس” أن مناداة الأشخاص بأسمائهم لها تأثير إيجابي في النقاش. فالاسم يمثل كيان الشخص فعندما ينادى الأب ابنه باسمه فهذا يعنى أن الأب يعطى كامل التركيز لابنه، وكذلك الابن عندما يسمع اسمه يعطى كامل التركيز للمنادى (بشكل لا إرادي).
ولعل من أبسط الأمثلة المؤكدة لهذه النقطة هي انه عندما نسمع أسمائنا ننتبه فورا للمنادى حتى لو لم يقصدنا نحن ويقصد شخص أخر بنفس الاسم. لذلك يعتبر المناداة بالاسم وسيلة فعالة لجذب الانتباه.
رابعاً: التزم الصمت
الكل يعلم أن عملية الإقناع ليست عملية سهلة والتقدم فيها يحتاج إلى ممارسة وتعلم من الخطأ. هذا الأسلوب قد يساعدك كثيرا في هذه المهمة، فالقاعدة تقول لا تصحح أخطاء الأخرين مباشرةً، إذا كنت غير متفق على ما يقال فلا تقطع الحوار لتوضيح خطأ الطرف الأخر. لكن من الأفضل أن تصغى له وتتركه حتى ينتهي تماما من توضيح فكرته ثم تبدأ بسرد أفكارك (المخالفة لفكرته).
عندما تعرض فكرة مخالفة لرأى الطرف الأخر، حاول أن تقوم بهذه الخطوة على مرحلتين:
- أن تبحث عن نقطة موحدة بحيث يكون كلاكما متفق عليها.
- تبدأ ببناء وسرد أفكارك فوقها. بحيث تحافظ على تسلسل أفكارك.
هذه الطريقة لا تشعر الطرف الأخر بأي إحراج أو محاولة منك بمعارضة كلامه مباشرة، بل سيتفهم رأيك وان هدفك مثل هدفه وهو الوصول لحل للنقاش. فعندها يأخذ نقاشك طابع المعاونة وليس المعارضة.
عندما تبدأ من نقطة متفق عليها تصبح محاولتك لتوضيح رأيك أكثر إقناعاً وفعالية، مما يجعله يتقبل أفكارك بصدر رحب، تسمى هذه القاعدة في علم النفس ” Ransberger Pivot”.
خامساً: إعادة سرد ما يقوله الأخرين
إعادة وصف ما قاله الطرف الأخر يعتبر أيضا وسيلة إيجابية للتأثير عليه وإظهار له الاهتمام بما قاله، يسمى هذا الأسلوب ” reflective listening”.
هذا النوع من النقاش مبنى على نقطتين:
- محاولة فهم الطرف الأخر عن طريق الإصغاء جيداً
- أعاده صياغة رأيه مما يؤكد للطرفين انهم في حالة فهم متبادل.
هذه الطريقة تظهر فهمك لوجهه نظر الطرف الأخر بدون إظهار أي علامات قبول لرأيه وهذا يعطى للطرف الأخر المساحة ليتكلم بوضوح واستفاضة. كما أيضا يعطى لرأى المتحدث قيمة خصوصا إذا استخدمت نفس التعبيرات عند إعادة الصياغة.
حاول أن تبدأ بالاستعانة بهذه الأساليب في حياتك اليومية وضع في الاعتبار أن نجاحهم غير مشروط ولكنها تستحق التجربة.